المشهد العربي تختصره الآن ثلاث ساحات مشتعلة، الساحة الليبية بات واضحا أنه يراد لها أن تمضي وفق سيناريو معقد وطويل رغم كل ما يحدث فيها من دمار. الساحة اليمنية سيكون مسارها أوضح خلال هذا الأسبوع بحسب ما ستؤول إليه المبادرة الخليجية، وتبقى الساحة الثالثة (السورية) الأكثر إنذارا بتفاقم أزمتها نتيجة المنعطف الحرج الذي دخلته أحداثها خلال الأسبوع الماضي .. الرئيس التركي عبدالله غل صرح أن بلاده بدأت الضغط على الرئيس بشار الأسد لبدء الإصلاحات بعد سقوط الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وأضاف قائلا: «البعض لا يقبل التغيير وهؤلاء لا فرصة لديهم على الإطلاق، والبعض الآخر يعمل لكسب الوقت لكن الوقت سوف يتجاوزهم».. لم يكن الرئيس بشار في حاجة إلى ضغط أو حتى إيعاز أو تلميح بضرورة إعادة النظر في أسلوب إدارة سوريا من أي طرف خارجي، لأنه لو حاول قراءة ما يحدث في الشارع السوري قراءة موضوعية واقعية، واستقراء ما يمكن أن يتمخض عنه، لتأكد له أن أشياء كثيرة كان لا بد أن تتغير من قبل أن تنفجر الساحة التونسية بوقت طويل، لكن ذلك لم يحدث حتى فوجئ باندلاع الشرارة يوم 15 مارس الماضي، وحتى بعد اندلاعها كان بالإمكان تدارك الأمور ومعالجتها لو احتكم إلى العقل والمنطق، بيد أن المعالجة الخاطئة دفعت بالأوضاع إلى ما وصلت إليه .. كان خطاب الرئيس بشار في مجلس الشعب مؤشرا على تجاهل حقيقة الأزمة وأسبابها الأساسية، والإصرار على تعقيدها بطرح أسباب متخيلة لا علاقة لها بها، وذلك ما جعل الساحة تحتقن أكثر وتتسع دائرتها، وتشهد عنفا متزايدا بلغت حصيلته إلى الآن أكثر من 500 قتيل وآلاف الجرحى وبدء تدفق مئات النازحين عبر الحدود اللبنانية هربا من الجحيم بعد نزول الجيش وقوى الأمن السرية والمخابرات إلى الساحة. ليس من السهل قبول ما يطرحه الإعلام الرسمي من أسباب ومبررات وتفسيرات لمواجهة المحتجين العزل بآليات الجيش والأمن، ربما يكون مستحيلا تمرير خطابه المتكئ على مؤامرة أطراف خارجية، أو إقامة إمارة إسلامية، أو شغب عصابات إرهابية. أصبح تكتيكا مستهلكا ممجوجا ذلك الذي يستخدم إجبار بعض الأشخاص على الظهور في شاشة التلفاز للاعتراف بأنهم عملاء ومخربون، لأنهم حتى لو كانوا كذلك فلا يمكن لعشرات الآلاف من الشعب السوري أن ينقادوا لهم وينفذوا مشروعهم .. الشعب السوري يعيش أوضاعا سيئة تراكمت دون أي مبادرة جادة من قبل مؤسسة الحكم لمعالجتها، فما كان له سوى التعبير عن مطالبه حين بدأت رياح التغيير تهب في أكثر من ساحة عربية، وكان الأجدى احترام إرادة الشعب وحقوقه بآليات حضارية بدلا من جعل أدبيات حزب لم يعد صالحا لهذا الوقت تجبر وطنا بأكمله إلى أقصى احتمالات الخطر.. وإلى هذه اللحظة نتمنى ألا يكون نظام الحكم السوري من الذين لا فرصة لهم أو الذين سوف يتجاوزهم الوقت. [email protected] للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو636250 موبايلي أو 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة