دون التقليل من المنجز العظيم الذي حققه الشعب التونسي والمتمثل في كونه البادئ في إشعال شرارة الثورات العربية، واستطاعته قطع مرحلة كبيرة ومهمة في بناء الدولة الجديدة، ومع ما تم إنجازه في ليبيا واليمن، كيفما كان، إلا أن لمصر وضعا خاصا تفرضه عوامل وأسباب لا تخفى على أحد، وبسبب ذلك يمكن النظر إلى مسار ثورتها وفق اعتبارات خاصة، ومراقبة ما يجري فيها وفق رؤية خاصة أيضا.. لذلك حين يبدأ التفاؤل في التحول تدريجيا إلى مزيد من القلق بفعل الأحداث المتتالية التي تشهدها الساحة المصرية، والتي تنبئ أن الأمور لا تمضي في مسار إيجابي، فإننا أمام وضع مخيف بالفعل، لا سيما وقد مضى أكثر من عام على الثورة. وبعيدا عن التجاذبات بين الأطراف المشاركة في الساحة السياسية حتى بعد انتهاء الانتخابات البرلمانية، وبعيدا عن الاختلاف على قضية الدستور أولا أو الانتخابات الرئاسية، بعيدا عن أشياء أخرى كثيرة فإن ما حدث في مصر خلال الأسبوع الماضي فقط يكاد يجعلها تدخل في منزلق خطير للغاية لأنه قد يجعل لعبة الفوضى هي السائدة، بدءا بعمليات السطو المسلح على المصارف في وضح النهار وانتهاء بما حدث في مباراة كرة القدم في بور سعيد وأشعل معه ميادين وشوارع القاهرة من جديد.. العقل لا يمكنه استيعاب ما حدث في بور سعيد على أنه تدافع وشغب مشجعين، ففي أكبر ملاعب العالم لم يصل عدد ضحايا الشغب إلى جزء بسيط من ضحايا ملعب بور سعيد، والحادثة أعادت نغمة الشكوك المبطنة والعلنية تجاه المجلس العسكري الحاكم، ورفعت حدة الاتهامات المتكررة بوجود فرضية المؤامرة على الثورة، واختراقها من قبل بقايا النظام السابق، بشكل أو بآخر.. وقد بدأت المواجهات بين قوات الأمن والمتظاهرين تزداد عنفا ابتداء من مساء الخميس، وقت كتابة هذا المقال، ولا نعرف إلى أي حد ستصل، رغم بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة، وانعقاد جلسة طارئة لمجلس الشعب. انشغل العرب بالملف السوري، وهو ملف مهم وحساس، لكن يجب إعادة النظر في التعامل مع الملف المصري، لأنه بالإضافة إلى المتاعب الاقتصادية القاسية التي تثقل كاهل مصر، والحالة المقلقة التي أفرزتها المواجهات السياسية، واستمرار الاحتقان في الشارع نتيجة الشكوك الموجهة للمؤسسة العسكرية والتشريعية التي تحاول إدارة البلد، فإن حادثة كحادثة بور سعيد وتبعاتها تقرع جرسا عالي الصوت للتحذير مما يمكن أن تؤول إليه الأمور.. لذلك نقول لكل العرب عليكم الالتفات فورا إلى مصر رغم كل الملفات الساخنة الأخرى. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 259 مسافة ثم الرسالة