ليس المعلقون بمعزل عن حالة تراجع الكرة السعودية وتردي أوضاعها بشكل عام، فإن كان فشل المنتخبات والأندية وعجزها عن تحقيق طموحات جماهيرها في العشرية الأخيرة أمرا محسوما ومجمعا عليه، فإن المعلقين أو من يفترض تسميتهم بذلك لا يبدون أقل فشلا وعجزا عن تحقيق أبسط اشتراطات المهنة؛ اللغة، الحياد، الشخصية، الصوت، ومستوى مقبول من الثقافة الخاصة والعامة. يختار بعض المعلقين التعليق باللغة العربية الفصحى مع عدم توفرهم على أبسط قواعدها؛ ف «يخبصوها» وينصبون المجرور ويجرون المرفوع ويرفعون المنصوب بطريقة مستفزة تجعل الأخفش يتململ في قبره! أما البعض الآخر فيعلق باللهجة العامية، وهو اختيار مقبول مبدئيا؛ عطفا على شعبية اللعبة، ولكن اللهجة العامية أيضا تحولت بفضل هؤلاء إلى رموز غير مفهومة لا تراعي التنوع والاختلاف. من جهة أخرى، تخلى المعلق المحلي عن دوره المحايد، ووظف المهنة ليمارس تشجيعا فجا وغير مبرر، إذ مع القناعة الراسخة بحق كل منتسب للوسط الرياضي بالانتماء أو حتى التعاطف مع نادٍ ما، إلا أن هذا الود يجب ألا يتسلل إلى غرف التعليق، بوصف التعليق عملية محايدة بالمقام الأول، وبخاصة في القنوات الحكومية، وحتى التجارية الملتزمة باحترام المتابعين. ثالث اشتراطات نجاح المعلق، الشخصية، وهو ما يفتقده جل إن لم يكن كل المعلقين السعوديين، خصوصا الشباب منهم، ولا أعلم من ألقى في روع هؤلاء أن تقليد فلان من المعلقين الخليجيين أو العرب يعتبر نجاحا؟ الحقيقة أنه لا يمثل إلا ضعفا وعدم ثقة وقناعة داخلية لدى المقلد بأن إمكاناته الذاتية حتى لو كانت حقيقية غير زائفة لا تساعد على تقديمه إلى المتلقي بشكل لائق! إن لم تثق بقدرتك أيها المعلق إن كانت موجودة فلن تستطيع إقناع الآخرين بها على الإطلاق. أما اشتراط الصوت فهو معضلة، إذ لا نجد لدى معلقي الدوري المحلي غير أصوات نشاز ترغم المتابع على (كتم) الصوت والاكتفاء بالمشاهدة! والعجيب أن الواحد منهم لا يكتفي بطبقة صوته ال(صريرية) المزعجة فيكمل الناقص بالصراخ المتواصل طوال التسعين دقيقة، وبتنا نخشى استمرار الصوت العالي وافتعال الإثارة حتى في استراحة ما بين الشوطين! كفى صراخا، ارحمونا يرحمكم الله.