لم تثنهن الإعاقة عن الاعتماد على أنفسهن، فتسلحن بالإرادة والعزيمة، ورفضن الاستكانة، وتحركن لكسب قوتهن بالعمل الشريف متغلبات على العديد من المعوقات التي تعترضهن، بيد أنهن اصطدمن بما اعتبرنه «بيروقراطية» الجهات المختصة، إذ أكد عدد من المعاقات حركيا ل«عكاظ» رغبتهن في مزاولة العديد من الأعمال التي يحصلن منها أجرا يسهم في تطوير حياتهن، ويشعرهن بقيمتهن في المجتمع، بدلا من الاعتماد على الآخرين، إلا أنهن شكون من معوقات الجهات المختصة، التي حرمتهن من مزاولة العديد من الأنشطة بسبب شروط وصفنها ب«التعجيزية». وروت أم صفية معاناتها في سبيل الحصول على بسطة تمارس عبرها بيع المعجنات لتوفر نفقة علاجها وتخفف الأعباء على زوجها الذي يعمل بأجر ضئيل في القطاع الخاص. وقالت أم صفية: أعاني من إعاقة حركية تستلزم اعتمادي على الكرسي المتحرك، وقد عانيت في صغري من نظرات الدونية والحرمان من إكمال دراستي، حتى جاء النصيب وتزوجت رجلا محدود الامكانيات وعلاج حالتي يتطلب دخلا اضافيا. مشيرة إلى أنها توجهت لأمانة جدة لاستئجار «كشك» تزاول فيه بيع المعجنات والعصيرات، معربة عن أسفها حين طلبوا منها الدخول في المزاد ومن يدفع أكثر هو من يظفر بالأكشاك المؤجرة. واستغربت أم صفية أنه بعد فوزها في المزاد عليها دفع نحو 150 ألف ريال، قيمة الإيجار، فضلا عن أن عليها الاستعانة بعامل في الكشك، لأنه لا يسمح للنساء بمزاولة البيع والشراء، ملمحة إلى أن تلك الشروط التعجيزية دفعتها لصرف النظر عن مشروع الكشك. وأكدت أنها طلبت من أحد المسؤولين في الأمانة أن يسمحوا لها ببيع الشاي والقهوة داخل إحدى الدوائر الحكومية ولكنهم رفضوا ذلك أيضا، مبدية استعدادها لتعلم أي مهنة مثل التصوير أو الخياطة أو حتى الأعمال الحرفية ولكنها تحتاج إلى دورات وليس لديها ما تدفعه للحصول عليها. إلى ذلك، طالبت سلمى الشافعي (معاقة حركية) بالسماح لهن بتصوير الأوراق أو طباعتها داخل الدوائر الحكومية، مشيرة إلى أنه عمل لا يحتاج إلى تخصصات أو إلى انسانة تمشي على قدميها، لأن الكرسي المتحرك يؤدي الدور، مبينة أن التصوير لن يعيقه موظفة تسير على كرسي متحرك فآلة التصوير تعمل باللمس ويداه بخير. وقالت الشافعي: طرقنا باب الحصول على عمل شريف، يكفينا ذل السؤال، ويقينا شرور وآلام النظرات الدونية، وقتها سنكون بألف خير، ونصدق المقولة التي تردد على مسامعنا باستمرار «أنتم فئة غالية على قلوبنا». بدورها، دعت أم البراء التي تعمل في شركة في القطاع الخاص الأمانة إلى إعطائها هي ومثيلاتها أماكن في مكة والمدينة في مواسم الحج والعمرة لإنشاء بسطات فيها وكسب رزقهن بعرق جبينهن ومساعدة ذويهن. وألمحت أم البراء أن إصابتها بشلل سفلي حرمتها من الزواج، وتكوين أسرة مثل باقي بنات جنسها السليمات، لافتة إلى أنها تتألم حين تشعر أنها عالة على أهلها مستغربة في ذات الوقت من تجاهل الأمانة وعدم تقديمها التسهيلات لهن. وطالبت الجهات المختصة بتقديم قروض ميسرة لهن لعمل مشاريع شخصية يكسبون من ورائها ما يكفيهم مذلة الاعتماد على الغير حتى ولو اضطر الأمر لاسترداد ثمن تلك القروض من الإعانات الشهرية أو السنوية. وعلى خط مواز، أوضح المتحدث باسم أمانة جدة الدكتور عبدالعزيز النهاري أن أسعار أماكن الأكشاك المعدة للتأجير تختلف باختلاف النشاط والمكان، لافتا إلى أن من يريد استئجار كشك على الكورنيش لا تعامله الأمانة ماديا مثل الذي يستأجر داخل حي من الأحياء، لافتا إلى أنهم ينظمون مزادا لطالبي استئجار الأكشاك ومن يدفع أكثر يظفر بالكشك. وبين أن أسعار إيجار المواقع المؤجرة تخضع للوائح والأنظمة المقررة من قبل وزارة الشؤون البلدية والقروية والأمانات، مبينا أن الرسوم والإيجارات تحصل لتصرف على بنود عدة في ميزانية الوزارة. وأفاد الدكتور النهاري أن مسألة الدعم المادي لإقامة مشاريع لذوي الاحتياجات الخاصة ليس من اختصاص الأمانة، وهناك جهات أخرى مسؤولة عن ذلك.