منذ سنوات طويلة والموقف الأمريكي تجاه القضية الفلسطينية غير عادل ومنحاز بالكلية إلى الكيان الإسرائيلي دعما، ومساندة، وتوجيها وحماية. والمتأمل للتاريخ والمواقف والشواهد يرى أن سياسة أمريكا تجاه أمن إسرائيل ثابتة لا تتزحزح كالصخر، رغم تعاطف كل شعوب العالم مع أشقائنا الفلسطينيين بعد أن مزق الاحتلال أوصال دولتهم، وقتل أطفالهم وشيوخهم ودمر منازلهم، وشرد شعبها فيما يقبع خلف السجون أعداد مهولة ليس لهم ذنب سوى دفاعهم عن وطنهم المستباح ومطالبتهم بإقامة دولتهم التي استولى عليها الاحتلال. ورغم كل أصوات الشرفاء في العالم، تظل السياسة الأمريكية وصناع القرار في واشنطن يضفون شرعية على كل الممارسات الوحشية واللا إنسانية التي ترتكبها إسرائيل تجاه شعب أعزل، منفذة حصارا اقتصاديا وعمليات اغتيال ممنهجة ودائمة، وكم من قرار يدين ممارسات إسرائيل وصلفها قدمته أكثر من دولة أجهضه الفيتو الأمريكي في مجلس الأمن، وكأن الفلسطينيون ليسوا بشرا لهم حق العيش في وطن آمن مطمئن قابل للنمو غير ممزق الأطراف. خلال العدوان الأخير على غزة والذي حصد عشرات الأنفس انحازت أمريكا مجددا إلى إسرائيل، ووفرت لها غطاء واضح المعالم لتنفيذ عمليات القتل والتشريد على شعب أنهكه الحصار، وتشرد أبناؤه في كل المخيمات والملاجئ والعواصم العربية والعالمية، وهنا يتساءل كل عاقل رشيد إلى متى وسياسة أمريكا تنحاز إلى كيان ظالم غاشم محتل؟ وإلى متى سيظل الشعب الفلسطيني طريدا مشردا يبحث عن وطن يأوي إليه ويشارك في بنائه؟ وإلى متى ستظل فلسطين هي الدولة الوحيدة في العالم التي ترزح تحت الاحتلال؟ إن احترام تطلعات الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي كما قالته وزيرة الخارجية الأمريكية أخيرا يعكس تناقضا واضحا في الموقف الأمريكي، لأن احترام حق الشعب الفلسطيني يقتضي أن تقف أمريكا على مسافة واحدة من الجميع، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، وما لم تغير واشنطن نظرتها إلى القضية وتوقف الظالم عند حده فإنها تواصل المزيد من فقدان الثقة لدى شعوب المنطقة وهذا ما لا يتمناه كل أمريكي.