رغم مشاهد الموت والدمار ورائحة الدم والبارود، يعيش المواطنون الفلسطينيون حياة شبه طبيعية في تحد للغارات الإسرائيلية، حيث يخرجون من بيوتهم لقضاء حاجاتهم من الأسواق أو زيارة جريح في المستشفى أو المنزل أو تقديم العزاء في شهيد، بينما يهرع الأطفال إلى أسطح ونوافذ منازل أسرهم لمشاهدة غارة إسرائيلية هنا أو هناك. وسط هذه المظاهر وأجواء الحرب المخيمة على القطاع، جالت «عكاظ» في شوارع وأسواق ومستشفيات مدينة غزة. لاحظنا في البداية أن المدارس والجامعات أغلقت أبوابها خشية على أرواح الطلاب والطالبات، كما توقف دولاب العمل في مقار المؤسسات المدنية والعسكرية التابعة للحكومة المقالة بعد أن هددت إسرائيل بقصفها، غير أن ذلك لم يمنع المواطنين من الخروج إلى شوارع وأزقة المدينة، بالرغم من ضعف حركة السيارات التي توقف معظمها بسبب النقص الحاد للوقود في محطات البنزين. وشاهدنا طوابير السيارات للحصول على كمية قليلة من البنزين أو السولار، بينما يحمل الأطفال جوالين بلاستيكية للحصول على كميات أقل من أجل تشغيل مولدات الكهرباء المنزلية عند انقطاع الكهرباء الذي يستمر لساعات طويلة، نتيجة لنفاد الوقود في محطة الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة، وبسبب قصف بعض المحولات التي تزود المنازل بالكهرباء. في شارع حي النصر شاهدنا طوابير من الأهالي المصطفين أمام المخابز، وقال لنا أحد أصحابها إنهم يخشون من انقطاع التيار الكهربائي والوقود، ويعملون بأقصى جهد لتوفير الخبز للمواطنين. وفي سوق الشيخ رضوان للخضروات والفواكه والمواد الغذائية لاحظنا أن المواطنين يقبلون بكثافة على شراء المواد الغذائية خشية من احتمال عدم تمكنهم من الحصول عليها في حال تفاقمت الأوضاع أكثر إذا اجتاحت القوات الإسرائيلية القطاع في هجوم بري واسع. ونحن في طريقنا إلى مستشفى الشفاء، رأينا بعض مشاهد الدمار في مقر مجلس وزراء الحكومة المقالة في حي النصر، والذي تحول إلى كومة من الدمار إثر تعرضه للقصف الإسرائيلي صباح أمس. وكذلك المقر الرئيس للشرطة الذي لا يبعد كثيرا عن مستشفى الشفاء، وتحولت الكثير من مبانيه إلى دمار وأوراق متناثرة هنا وهناك. وشاهدنا كذلك بعض بيوت العزاء المكتظة بالمعزين. وفي مستشفى الشفاء وهو أكبر مستشفيات غزة شاهدنا عشرات المواطنين الذين قدموا لزيارة المصابين في الغارات الإسرائيلية.