حينما تجوب في خبايا يوميات الموظف ينتابك شيء من الاكتئاب أو الصداع النصفي من هول ما يتصدى له هذا الغلبان، فتجده يواجه متطلبات الحياة بكل قوة وصبر، فراتبه البسيط يحاول مقاومة مصاريف ومستلزمات (الإجازات، شهر رمضان، عيد الفطر، العام الدراسي الجديد، عيد الأضحى)، بالإضافة للشركات والمؤسسات التي تنهش راتبه كل شهر (فواتير الهاتف والكهرباء، والقروض البنكية، وقروض بنك التسليف أو صندوق التنمية العقاري، والمستشفيات، وارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية). وفي نهاية هذه السنة الحافلة بالمصاريف الخرافية يصطدم موظفنا بمنعطف خطير بحياته وهو (دفع إيجار منزله) فتجده في حيرة من أمره أمام صاحب العقار الذي يطرق بابه مطالبا بدفع الإيجار، وهو في أضيق أوضاعه المالية التي عايشها وأرغمته على استنزاف راتبه كل شهر دون حول منه ولا قوة، ليأتي سندان الإيجار ليطرقه إلى أسفل، مزودا أوجاعه وجراحه ويوسع من دائرة أزماته المالية، حتى بات موظفنا يتحدث مع نفسه: كيف لراتبي الضئيل أن يصمد ويتوازن أمام هذا الكم الهائل من المتطلبات، وأن أستقطع شيئا من راتبي لتسديد إيجار المنزل! وهل يستطيع أكبر خبير أو عالم في علوم الرياضيات أن يحل هذه المعادلة الصعبة ويفك شفرات هذا اللغز العجيب؟ وفي الجانب الآخر نجد مجلس الشورى الموقر قد قرر سحب توصية صرف بدل السكن لموظفي الدولة من جدول الأعمال، بحجة أن الدراسة المقدمة ضعيفة وخالية من لغة الأرقام والمعلومات، فاستوقفتني نفسي وسألتني: لماذا لم يقر المجلس بإعادة الدراسة لحين استيفاء البيانات اللازمة، أو تشكيل لجنة وزارية (الوزارات المعنية بهذه التوصية) لدراستها بتأنٍ بدلا من سحبها من أعمال المجلس؟ ولماذا لا يفكرون بمقترح لصرفه بصفة مؤقتة أسوة بإخواننا في (حافز) لحين الانتهاء من إعداد الدراسة اللازمة أو اكتمال خطط وبرامج الإسكان؟ (المدينةالمنورة)