إن تحدثنا عن أهمية السلامة وقواعدها اتهمنا بالمثالية، وإن تعالت الصرخات منددة بالتهور في قيادة المركبات قيل عنا مبالغين.. حوادث مؤلمة ومناظر مفجعة ومفزعة تتكرر يوميا، وكأن الأمر طبيعي جدا ولا يعني شيئا، أرواح تزهق ومستشفيات تمتلئ بالمصابين وممتلكات تدمر، والسبب الرئيسي هو السرعة وانعدام أصول السلامة لدى السائق وفي المركبة والطريق، والمفارقة العجيبة أن الكثير ممن يعزون ذلك إلى قلة الوعي يعرفون جيدا بأن هذا الطرح المزعوم هو تصور غير دقيق، بدليل أن الأمور تتغير خارج الحدود، حيث تجد المتهور لدينا هو من أشد المتمسكين بالنظام.. ويا للعجب، وعليه فالموضوع ليس وعيا من عدمه، بل هو نظام وتطبيقه بحزم وإجبار على احترام النظام، لكن لدينا الأمر مختلف، فالعزف على وتر العاطفة والمسكنة سبب لنا الكثير من المشاكل وأضر بنا جميعاً وجعل البعض يتساهل في احترام النظام لغياب الرادع. الشاحنات، الليموزينات، الباصات، والسيارات الخاصة كلها تسرح وتمرح في طرقاتنا وأمام مرأى الجميع في فوضى كاملة، وإن حاولت النصح أو الإرشاد أو حتى التبليغ، فإنك تعمل في الوقت الضائع، فالسائق المخالف أو المتهور لديه مناعة وتبلد حسي يجعل كل محاولاتك تسقط أمام صلابة موقفه المتعمد وقناعته المعتمدة أصلا على أن الأمر سهل جدا، فالنظام لا يعنيه بطريقة أو أخرى، وأن معشر البشر من حوله ما هم إلا مجرد أعداد رقمية فقط، لذلك رخص الإنسان وقيمته لديه وأمثاله ممن يعبثون في الطرقات ويمارسون التهور والفوضى ويشكلون تهديدا حقيقيا لحياة الأبرياء، فهل نحتاج في كل مرة إلى مأساة مثل حادثة الرياض لنتعلم درسا جديدا في السلامة واحترام النظام؟! [email protected]