نجح التشيكي جاروليم المدير الفني للأهلي في تأكيد جدارته الفنية على حساب الأسباني كانيدا، حيث ظهرت خبرته في قراءة المباراة في الوقت الذي اكتفى فيه نده بالفرجة والنتيجة تغادر إلى منافسه وسط استغراب النقاد والمتابعين من النهج والأسلوب الفني الذي انتهجه في اللقاء. جاءت محصلة الأخطاء الاتحادية وأبرزها في التهيئة النفسية السيئة التي سبقت المباراة والأخطاء الفنية أثناء المجريات، حيث اعتلى الغرور لاعبي الاتحادي ومدربهم المغمور بعد دخولهم المباراة وهم يحلمون بالنهائي متناسين أن النتيجة لم تحسم بعد، فرغم النهج الهجومي الذي بدأ به الاتحاد إلا أن التكتيك داخل الملعب لم يكن يناسب المباراة وحجمها، لاسيما من ناحية أدوار اللاعبين داخل المستطيل الأخضر، فإبعاد دي سوزا عن المواجهة لأسباب إدارية وإحلال الشربيني في منطقة صانع اللعب خلف هزازي أفقد المركز واللاعب قيمتهما، حيث لم يكن الشربيني في يومه ولم يوفق في تحقيق المطلوب منه في المركز الجديد فلم يستفيد كانيدا من إمكانيته خلف هزازي أو في الجهة اليسرى التي يجيد اللعب فيها، كما أن إحلال فهد المولد في الجهة اليسرى لم يكن ذا فائدة حقيقة على الفريق بعد أن اكتفى الأخير بالركض وفتح الثغرات دون خطورة حقيقية على المرمى، فكان بالإمكان الاستفادة منه بجانب نايف هزازي الذي كان يفتقد للإمداد الهجومي، في ظل سوء الشربيني في صناعة اللعب ومحدودية عطاء قائد الاتحاد محمد نور الذي تفرغ لتعطيل اللعب وتحقيق الأخطاء لفريقه مع ضعف مردوده في الإمداد أو في قطع الكرات، وكان من المفترض أن يشرك نور خلف هزازي ووضع المولد في الجانب الأيمن والشربيني في الأيسر لتحقيق الاتزان في منطقة الوسط التي افتقدت هيبتها، في حين لم يكن إبراهيم هزازي في مستوى الحدث وظهر أقل بكثير من الاتحاد بعد أن تفرغ لارتكاب الأخطاء الخارجة عن الروح الرياضية واستفزاز لاعبي الخصم دون مبرر. في الجانب النفسي، أوجدت إدارة الاتحاد لنفسها قضايا متعددة قبل مواجهتي الذهاب والإياب، ففي الأولى تفرغت لإشكاليات التذاكر والبيانات الإعلامية المتعلقة بذلك ولم تمنح تركيزها للفريق الذي تغلب بصعوبة بهدف دون رد، وقبل الإياب أشعلت قضية دي سوزا ومحاميه ولم تهدأ الأمور بين الجانبين سوى قبل المباراة بيوم بعد أن قرر كانيدا استبعاده دون أن يجد اللاعب البديل له، كما أن ثقتها في الوصول للمباراة الختامية أنساها تجهيز اللاعبين معنويا من حيث التأكيد على أهمية النتيجة وأن المواجهة لم تنته بعد، مما أظهر ضعف خبرتها في مثل هذه المباريات وتمرسها في تجهيز الفريق من النواحي النفسية والمعنوية فدفعت الثمن غاليا بالخروج من أهم بطولة ارتبط اسمها بالعميد. في المقابل، نجح جاروليم في توظيف لاعبيه وتسخير إمكانياتهم لصالح الفريق بعد أن احترم أولا قوة خصمه وعمل على تعطيل مفاتيح اللعب فيه، مع فرض أسلوب هجومي ودفاعي متزن مكنه من تحقيق الفوز، خاصة مع تصحيحه أخطاء خط الوسط في الذهاب ومنحه صلاحية أكبر في الأدوار الهجومية والدفاعية على حد سواء، بجانب استغلاله الثغرات التي ظهرت في وسط خصمه وخط دفاعه، عندما أوعز لفكتور باللعب عبر الأطراف وفتح الثغرات للحوسني ولاعبي الوسط المتقدمين من العمق لدعم الهجمة، إضافة إلى انضباطه دفاعيا وعزل مهاجم الخصم عن وسطه من خلال فرض رقابة لصيقة على الثلاثي الشربيني ونور وهزازي، فكانت النتيجة امتلاكه لمنطقة المناورة وتواجد لاعبيه في منطقة الاتحاد لتكون بداية التحضير للهجمات، كما كان تعامل الإدارة الأهلاوية نموذجيا بعد أن أوجدت بيئة صحية للفريق من خلال تجهيزه بعيدا عن الحرب الإعلامية التي حدثت قبل المواجهتين ذهابا وإيابا، ولم تنجرف وراء الإشكالات التي أحدثتها الصحافة سواء فيما يخص التذاكر أو تلك التي تحدثت عن خلل الأجهزة الطبية واللياقية في الفريق، فعملت بعيدا عن الضجيج وجهزت الفريق فنيا ومعنويا بالشكل الذي يؤهله لتحقيق التأهل، وجنت ثمار ما زرعت من خلال المستوى القوي والأداء الرائع الذي قدمه لاعبو القلعة مع تصميمهم على إزاحة خصمهم العنيد ومواصلة المشوار نحو النهائي للمرة الثانية في تاريخه.