جعل الله تعالى في التكاليف الشرعية مصالح للعباد ومنافع لهم في الدنيا والآخرة وجعل في كل فريضة شرعها فوائد متعددة ومصالح متنوعة تعود على فاعلها وعلى المجتمع بالخير العميم، وما هذه العبادات المتعاقبة في أمة الإسلام من صلاة وزكاة وصيام وحج إلا دعوة لكل المسلمين في أطراف الأرض ليجتمعوا على راية الإسلام ويحققوا أخوة الإيمان، وأداء هذه العبادات يقضي على الأخلاق الذميمة ويحارب المنكرات ويزيل كل اختلاف بين المسلمين. فالذين استنارت بصائرهم وآمنوا بالله ورسوله زادتهم هذه العبادات إيماناً بالله وثباتاً على دينه واستقامة على صراطه، كما قال جل ذكره: {وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى}.. وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ}، وكل مسلم يؤدي هذه العبادات بإخلاص ومتابعة يشعر بالثبات على الدين ويجد الراحة والأمان وانشراح الصدر واطمئنان القلب. ومن أثر عبادة الحج على نفس المسلم أنه يطهره من الذنوب ويخلصه من الآثام لما فيه من الاجتماع على الدين وترويض النفس على الطاعة ويحقق اجتماع المسلمين في مكان واحد ليشهدوا المنافع وينالوا المصالح ويتبادلوا التعارف والمحبة ويوحدوا الكلمة فيما بينهم، ومن أثر عبادة الصيام أنه يُعود على الصبر على المكاره واحتمال الشدائد والصدق في المواقف والإخلاص في العمل والأمانة في الأداء والمساواة في الطبقات وفوق هذا كله تحقيق التقوى في النفس، ومن أثر أداء عبادة الزكاة تعويد النفس على الكرم في البذل والعطاء، والتبسط في الجود والسخاء والرحمة والإحسان والتماسك والتآلف والتراحم والتكاتف وتحفظ صاحبها من الشح والبخل. أما عبادة الصلاة فإن شأنها عظيم وأثرها كبير فهي من أعظم الدين وهي رابطة المسلمين الكبرى توصلهم إلى الله ورضوانه، من آثراها تآلف قلوب المسلمين وارتباط بعضهم ببعض وبالمحافظة عليها تلين قلوبهم وتتواضع نفوسهم وتتساوى بها رؤوسهم يقفون صفاً واحداً بعضهم بإزاء بعض، قد زالت من بينهم الفوارق والتمايز، فليس فيها مراتب ولا مراكز ولا طبقات، يضعون جباههم وهي أشرف أعضائهم على الأرض، فلا يترك ذلك في نفوسهم أثراً للكبرياء ولا للرياء. بالمحافظة على الصلاة يظهر أثرها على المسلم فتتهذب نفسه ويطيب خلقه ويلين قلبه ويحفظ نفسه من الوقوع في المنكر أو ارتكاب ذنب أو معصية أو فحشاء، كما قال جل ذكره: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} وهذا من أعظم مقاصد تشريع الصلاة وثمراتها ولذلك كرر الله ذكرها في القرآن الكريم وأمر بإقامتها في أوقاتها المعلومة وجعلها تتعاقب في اليوم والليلة خمس مرات وفي هذا وقاية للإنسان من الغفلة عن الله وحفظ له من استحواذ الماديات على قلبه. والله ولي التوفيق،،، * وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية