احتدم الحوار بيني وبين ابنتي وطبعا ليست المرة الأولى، وتحولت إلى الأم الشريرة «أخت الساحرة الشريرة» لأمارس عليها دور الأمومة وأحاول إقناعها أن رأيي هو السليم ولا بد من الأخذ به ولكن. كيف لهذه المخلوقات التي نشأت وترعرت على الكمبيوتر والأيباد والأيفون أن تقتنع؟!، فنحن بالنسبة لأبنائنا نمطيو الأداء ونفكر ببطء ونستهلك وقتا طويلا في الحكم والمواعظ!!، ومع أن كلام ابنتي صحيح ولكن.. لا تراجع ولا استسلام وسأحاول أن افرض عليها رأيي لتأخذ به ولو بالقوة «فأنا أمها». وفي النهاية خطرت ببالي فكرة، فابنتي تعشق التصوير فعرضت عليها شراء طابعة خاصة لها لتطبع الصور التي تقوم بتصويرها، وبالتالي تستطيع أن تصقل مهارتها بالنظر في عيوب الصور التي تلتقطها. ووجدتني بهذه الفكرة وكأنني كنت أتصارع بالكلام مع إنسان آخر غير ابنتي التي أعجبتها الفكرة كثيرا وتحولت في لحظة إلى حمل وديع، وتحولت في نظرها بقدرة قادر إلى أم واعية.. مثالية.. ومثقفة.. والأهم أن تفكيري منهجي وسريع (سبحان الله....!!). والسؤال هنا: ما الذي يحدث بيننا وبين فلذات أكبادنا، هل نحن بحق مملون (وهذا شيء مؤكد)، أم أنهم دائما غير راضين.. أعلم ان رتم الحياة اسرع مما كنا عليه سابقاً، وان الابتكارات والاختراعات حولهم عديدة وجذابة ولكن.. لم يعد لأبنائنا طاقة وجهد على استيعاب الدروس كما كنا نسمع وندرس.. فهل الهرمونات الموجودة في الأكل كما يقولون هي السبب؟، أم أن بعدنا وانشغالنا عنهم وراء تأمين المستقبل هو السبب؟، ليس المهم أن نعدد الأسباب بل المهم النتيجة.. !!. إن ما حدث لشبابنا في العراق ناقوس خطر للجميع، فإعدام هؤلاء الشباب طرح معه عدة تساؤلات: متى ذهبوا.. وكيف.. ومن وراءهم؟ ويسبق ذلك كله: أين نحن؟. كيف تم استقطاب هؤلاء الأبناء من أحضاننا، أين كنا، لماذا لم نفهمهم ولماذا ابتعدنا عنهم كل هذه المسافة التي جعلتهم انسحبوا وانشقوا من بين ضلوعنا.. المشكلة لم تكن فيهم بل كانت عندنا نحن، فدورنا كبير وأمانتنا عظيمة.. ليتنا نفهم ونتفاهم مع أبنائنا دون أن نقول لهم ولكن.. حتى نفرض عليهم رأينا.