يتذكر الحاج محمد بسيوطي عندما حط رحاله في مشعر منى أمس، قصة والده مع العطش الذي كاد أن يهلكه قبل نحو 47 عاما. توقف بسيوطي وسط معبر المشاة الرابط بين مزدلفة ومنشأة الجمرات للتزود بالماء مخافة أن يتعرض لما تعرض له والده قبل 4 عقود، خاصة أنه يؤمن بقاعدة الأجر بقدر المشقة، ويمضي أغلب نسكه سيرا على قدميه. جفاف العروق «عكاظ» استوقفت الحاج بسيوطي لمعرفة أسباب تزوده بالماء، فذكر أن والده الحاج بسيوطي قدم للحج قبل 47 عاما وسار على قدميه حتى وصل عرفات وقضى يومه وعاد، وأثناء العودة تعرض إلى عطش شديد وبحث عما يجفف عروقه فلم يهتد وظل ينتظر الفرج حتى قدم له رجل أمن شربة ماء كانت كفيلة بإعادة الحياة إلى عروقه الجافة، يضيف الحاج بسيوطي «والدي ظل يذكرنا بقصته في كل عام حينما يأتي موسم الحج، وعندما حملت حقائبي مغادرا منزلي أوصتني والدتي بالتزود بالماء كي لا أتعرض لما تعرض له والدي في سنوات مضت، وفي رحلتي وجدت الماء البارد يملأ المكان في برادات أنيقة ونظيفة». سر التروية الحاج بسيوطي الذي قرر الحج سيرا على الأقدام كان لا يخشى غير العطش، وهو الهاجس الذي ظل يراوده طوال رحلة القدوم، لكن الهاجس ما لبث أن تبدد فور وصوله منى، حيث يتدفق الماء البارد المثلج الذي يطفئ لهيب الشمس الحارقة. بسيوطي يقول إنه بدأ في تتبع معاناة الحجاج في زمان مضى، حيث كانوا ينصرفون في اليوم الثامن للتزود بالماء والغسل قبل نفرتهم من مكةالمكرمة صوب منى وعرفات التي كانت في ذلك الوقت صحراء قاحلة، ولهذا السبب أطلق على يوم الثامن اسم يوم التروية، لأن الناس كانوا يرتوون فيه من الماء في مكةالمكرمة ويخرجون به إلى منى.