إن ما نشهده من مبادرات من قبل عدد من الشباب والشابات السعوديين، الذين لديهم أفكار تجارية، للبدء في مشاريعهم الصغيرة، يعتبر مؤشرا إيجابيا على جميع الأصعدة. كما أن تكاتف الشباب والشابات ودخولهم في شراكات مع بعضهم لتوفير رأسمال المشروع أصبح أمرا مألوفا في العديد من المشاريع. إلا أنه من الملاحظ على المشاريع الصغيرة، لبعض الشباب والشابات، أنها لم يتم تأسيسها بشكل نظامي صحيح ليحمي حقوق المشاركين فيها. فنجد أن الشركاء في المشروع قد جمعوا رأسماله دون أن يؤسسوا كيانا قانونيا ليمارسوا نشاطهم التجاري من خلاله. بل إن بعض الشركاء لم يوقعوا حتى على عقد شراكة فيما بينهم يعكس ويثبت فيه رأس المال المدفوع من قبلهم وإجماليه وحصة كل شريك منهم ونسبته من إجمالي رأس المال المدفوع وشكلية إدارته وغيرها من الأمور، مكتفين فقط بالثقة وعلاقة الصداقة التي تجمعهم. وعلى صعيد آخر، قد يقرر الشركاء بأن يقوم أحدهم بتأسيس مؤسسة فردية باسمه بينما يكون بقية الشركاء مستترين أو غير ظاهرين، بحيث يتم ممارسة النشاط التجاري من خلال تلك المؤسسة، وهو ما يعرف باسم الشركة المحاصة. وهذا النوع من الشركات، وإن كان منصوص عليه في نظام الشركات السعودي، إلا أنه لا ينصح به، لكونه يسبب عددا من المشاكل، منها صعوبة إثبات الحقوق بين الشركاء لكون أن جميع التعاملات باسم صاحب المؤسسة (الشريك الظاهر)، بالإضافة إلى تداخل الأمور المالية وصعوبة إثباتها، لكون أن الحساب البنكي باسم صاحب المؤسسة (الشريك الظاهر)، إلا إذا تم ترتيب الوضع المالي بشكل محاسبي دقيق وواضح، وهذا نادر. وبسبب عدم ترتيب الوضع بشكل قانوني صحيح بين الشركاء، فإن الخلافات بينهم قد تطفوا على السطح، الأمر الذي ينذر بوأد المشروع أو أن يستأثر به من سجلت المؤسسة باسمه. ولحماية حقوق الشركاء وإثباتها، فإنه يفضل للشركاء في المشاريع الصغيرة، أن يقوموا بتأسيس شركة فيما بينهم أمام الجهات المختصة، ويعتبر أكثر أنواع الشركات مواءمة لهذه المشاريع هي الشركات ذات المسؤولية المحدودة. إن تأسيس شركة بشكل نظامي أمام الجهات المختصة وتوقيع عقد تأسيسها، والذي ينظم كيفية إدارتها وصلاحيات مديريها وشركائها، ومقدار رأس المال ونسبة كل شريك من الشركاء في رأسمال الشركة وغيرها من الأمور، يعتبر ضمانه أكبر لحفظ حقوق الشركاء واستمرارية الشركة. إن تعثر أي مشروع صغير، بسبب خلاف الشركاء أو غيره، يعتبر خسارة للاقتصاد الوطني. كما أن قيام المشاريع من خلال كيان قانوني يحمي حقوق الشركاء فيها، يساعد على استمرار تلك المشاريع ويحد من الخلاف بين الشركاء. * محام ومستشار قانوني.