ذكرت في مقال سابق عن قصور الأحساء التاريخية بأنها تمثل معالم تاريخية وآثارا حضارية مهمة للتعريف بمكانة المنطقة وتاريخها العريق المتجذر في الأعماق، حيث تعاقبت على تلك القصور عدة حضارات وعلى الرغم من أهمية تلك القصور وإستراتيجية مواقعها غير أنها لم تستغل الاستغلال الأمثل المتناسب مع قيمتها فهي دائما مغلقة الأبواب ولا يسمح بالدخول إليها إلا بتصريح، كما أنها لا تحتوي على أي شيء من تراث المنطقة، ليت الجهات المختصة تلتفت إليها بنظرة وتحولها إلى متاحف تضم تراث المنطقة بمختلف أنواعه كالعتاد العسكري والمشغولات اليدوية والحرف التقليدية وأدوات الزراعة والغوص والأدوات المنزلية والعملات النقدية والمجسمات والصور الضوئية والمناظر العمرانية والمعمارية إلى غير ذلك على أن تصنف محتويات هذه المتاحف من حيث القدم وفق تسلسل زمنيٍ حسب تاريخ كل قصر من تلك القصور بعد أن يتم ترميمها والقيام بكل ما يلزمها من صيانة وتحسينات وخدمات. وما لبثت فترة وجيزة إلا وجاءني النبأ السار مزفوفا في صحفنا المحلية وهو اعتماد مبلغ ماليٍ لترميم قصر إبراهيم الأثري وتحويله إلى مركز للتراث والثقافة واعتباره معلما من المعالم السياحية، وقد شرف في أعقاب ذلك بزيارة وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف آنذاك الدكتور سعد بن عبدالعزيز الراشد الذي قال إن الأحساء تتميز بثرائها الثقافي والتراثي ولا يوجد متحف في المملكة إلا وفيه أثر من آثارها ونعمل مع الهيئة العامة للسياحة والآثار على اختيار العناصر الأثرية والتراثية للسياحة الثقافية فيها وفي مقدمتها قصر إبراهيم والمنطقة المحيطة به لما تتميز به من عناصر معمارية وأثرية وجمالٍ طبيعي لتفعيلها سياحيا. وبعد انتهاء عمليات الترميم لقصر إبراهيم افتتحته إدارة التربية والتعليم في الأحساء يوم 6/4/1423ه بإقامة سوق هجر الأول وقد أشاع جوا كبيرا من البهجة في نفوس الأهالي لما اشتمل عليه من الحرف التقليدية والألعاب الشعبية والعادات القديمة والمعارض التراثية والتشكيلية والضوئية والفنون الشعبية والمسرحيات والمحاضرات والمسابقات الثقافية بالإضافة لمجموعة من الأركان التوعوية لعدد من الجهات الحكومية والخيرية لمدة بلغت 12 يوما زاره خلالها نحو 200 ألف زائر ليشكل داعما للسياحة في الأحساء.. وفي السنوات الأخيرة تولت الجهات المختصة إقامة سوق هجر غرفة الأحساء بشراكة مع الهيئة العامة للسياحة والآثار وأمانة الأحساء وعدد من الجهات الحكومية وحظي بزيارة عدد من الأمراء والوزراء وكبار المسؤولين في الدولة، وأصبح من أهم الفعاليات السياحية للأحساء حيث يعيش الزوار حقبة من تاريخها العريق وأصالتها الراقية ويشتمون عبق تراثها ويقفون على أنماط ونماذج من حياة أهلها وسيرة عظمائها وكنوز إرثها.