تستخدم إيران العديد من المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية التي لها فروع في بعض الدول لتنفيذ مهام ترتبط بالمشروع السياسي والاستراتيجي الإيراني، وتتحرك هذه المؤسسات على محاور مختلفة. فالمؤسسات الاقتصادية والتي تبدو مؤسسات استثمارية بالدرجة الأولى تستهدف إلى جانب تحقيق مكاسب اقتصادية، تمكين إيران من تجاوز العقوبات الدولية التي تواجهها بسبب أزمة ملفها النووي. كما تستخدم المؤسسات التي تبدو في مظهرها مؤسسات اجتماعية تحقيق الانتشار السياسي الإيراني في دول بعينها مثل العراق، واليمن بالدرجة الأولى. وبصفة عامة فإن هذه المؤسسات تقوم بدور خفي يخدم أهداف السياسة الخارجية الإيرانية دون مسؤوليات مباشرة على الدولة الإيرانية، ولعل ذلك كان واضحا في خطاب الرئيس اليمني في الأممالمتحدة الذي اتهم فيه مؤسسات إيرانية بالقيام بأنشطة استخباراتية، كما سبق أن اتهم مسؤولون يمنيون جهات إيرانية بالتورط فيما يتعلق بنشاط الحوثيين. وتتولى هذه المؤسسات إقامة مراكز شيعية في أنحاء مختلفة من العالم، ويهيمن على هذه الشركات جميعا إطار عام يجمعها يسمي ب (البنيان)، ويبلغ عددها أكثر من( 120) مؤسسة، وتخضع جميعها للإشراف المباشر لمكتب المرشد خامنئي، وتمثل نوعا من الاقتصاد الموازي الذي لا يخضع لسيطرة المؤسسات الحكومية، وتشير تقديرات غربية إلى أن هذه المؤسسات تهيمن على حوالى 30في المئة من الناتج القومي الإجمالي لإيران. ولا يملك أي رئيس للجمهورية فرض سيطرته على هذه المؤسسات، ولا يوجد قانون يحكم عملها ولا توجد أجهزة رقابية تشرف عليها، ولاشك أن ما تملكه هذه المؤسسات من مساحة داخل الحياة الاقتصادية الإيرانية إلى جانب ما تملكه مؤسسات الحرس الثوري يشير بوضوح إلى طبيعة النظام الاقتصادي الغريب الموجود في إيران، والذي يقترب من الاقتصاديات الشمولية الكبيرة، ويؤدي إلى تداخل واضح فيما بين الأهداف السياسية والاقتصادية للنظام، ويجعل من تلك المؤسسات أيادي خفية يتحرك بها النظام الإيراني داخل العديد من الدول التي تمثل هدفا للسياسة الخارجية الإيرانية. دون تحمل قدر كبير من المسؤولية، ولا شك أن لهذه المؤسسات دورها الفاعل على الأرض في لبنان، وفي العراق، وفي اليمن، وفي عدد من الدول الإسلامية والأفريقية.