أجمع خبراء استراتيجيون على انتقال التوتر حول الجزر الإماراتيةالمحتلة الثلاث «طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى»، المتنازع عليها بين إيرانوالإمارات، إلى مرحلة «استعراض القوة»، تعليقاً منهم على إعلان قائد القوات البحرية في الحرس الثوري الإيراني الأدميرال علي فدوي نشر بلاده ألوية من مشاة البحرية في الجزر الثلاث، و جاءت الخطوات التصعيدية الإيرانية متزامنة مع تصريحات أدلى بها عضو لجنة المجالس والسياسة الداخلية في مجلس الشورى الإيراني ولي إسماعيل لوكالة «فارس» الإيرانية للأنباء كشف فيها عن مشروع قرار مقترح مُقدَّم في البرلمان الإيراني يدعو إلى تشكيل محافظة إيرانية جديدة تحت اسم «الخليج الفارسي» تضم الجزر الإيرانية المتناثرة في «الخليج العربي»، وتكون عاصمتها جزيرة «أبوموسى» الإماراتيةالمحتلة. عسكرة الجزر د.عبدالعزيز صقر من جهته، يعتبر رئيس مركز الخليج للأبحاث والخبير الاستراتيجي الدكتور عبد العزيز بن صقر، في حديثه ل «الشرق» معلقا على التصعيد الإيراني الأخير، أن الإمارات العربية المتحدة لم تقم بأي عمل يستوجب مثل هذه الردود الإيرانية التصعيدية، سواء أثناء زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى، أو ما أعقبها من تصريحات إيرانية وصفها بالمستفزة على الجانب الدبلوماسي. ويضيف بن صقر «تصرف دول الخليج العربي والإماراتالمتحدة كان متوازنا منذ البداية ولا يزال، حيث كانت الدعوات إلى تغليب الحل الدبلوماسي طاغية على المطالبات الخليجية في هذا الشأن، لكن الرفض الإيراني لمثل هذه الدعوات وإصرار طهران على المضي في تصعيداتها العسكرية والسياسية يهدف في النهاية إلى عسكرة الجزر، هذا هو الهدف الحقيقي لإيران من وراء الأزمة». أهمية استراتيجية ويرى بن صقر أن السيطرة على الجزر من الناحية العملية تمثل أهمية لإيران، سواء من ناحية الاستراتيجية الدفاعية أو حتى الهجومية، لأن إيران لا تمتلك حقا سياديا قانونيا على جزيرة (أبو موسى)، ولكنها تملك حق إدارة مشتركة مناصفة مع الجانب الإماراتي، في حين أنها لا تملك لا سيادة قانونية و لا حق إدارة مشتركة فيما يتعلق بجزيرتي طنب الكبرى و الصغرى. ويعتقد بن صقر أن إيران تهدف من وراء عسكرة الجزر إلى ترسيخ سياسة أمر واقع لاحتلال قائم من الدرجة الأولى، ومن ثَمَّ هي تريد فرض هيمنة بحرية في الخليج العربي من خلال السيطرة على الممرات المائية المؤدية إلى مضيق هرمز، بحيث تصبح نقاط سيطرة إيرانية ذات قوة عسكرية واضحة، «فالإيرانيون لا يسعون في الواقع إلى إغلاق المضيق كما ادّعوا في فترات ماضية مختلفة»، حسب رؤيته، واصفا مثل هذا الاستعراض الإيراني للقوة في الخليج العربي بالتحدي الواضح للمجتمع الدولي، فهو من عليه أن يتحمل مسؤوليات تأمين حركة ملاحة بحرية حرة في الخليج وأن يحدد كيفية الرد المناسب على الإيرانيين في هذا الجانب.ويرى بن صقر أن «الافتعال» الإيراني لهذه الأزمة إضافة لكل ما ذكر فإن أحد أهدافه الرئيسية هو خدمة الجانب الإيراني المفاوض في مجموعة (5+1) في اجتماعها المرتقب في بغداد في 23 مايو القادم. اللعب على وتر المخاوف علي التواتي بدوره، يعتقد العميد متقاعد الدكتور علي التواتي أن إيران تحاول في علاقاتها مع دول الخليج دائما أن تعمد إلى تعميق مخاوف هذه الدول من طموحاتها الإقليمية والتوسعية، وهي تعتقد أنها بمثل هذه الطريقة من الممكن أن تحكم قبضتها على الملفات العالقة فيما بينها وبين دول الخليج. ويكمل «إيران تنظر إلى دول الخليج على أنها رأس الحربة في مشروع المقاطعة الاقتصادية الغربية لها، لذلك فإن محاولات استعراض القوة وفق التصور الإيراني مع هذه الدول، هي السبيل الأنجع لتحقيق ما ترمي إليه من مخططات لثنيها عن المضي في تعزيزها للمقاطعة الغربية الاقتصادية المفروضة عليها، كما هو حاصل من تعويض المملكة و الإماراتالمتحدة لحصة إيران النفطية في السوق العالمي». مواقف لا مسؤولة ويتوقع التواتي أن لا تفضي المواقف الإيرانية، التي وصفها بغير المسؤولة، إلى تحقيق ما يريده الإيرانيون في النهاية، ذلك أن ملكية الجزر الإماراتية حق واضح لدولة الإمارات، وإذا ما وصلت القضية للتحكيم الدولي للبت فيها، فالحكم دون شك سيكون لصالح الإمارات، ويؤكد التواتي على أهمية التوازن من قِبَل دول الخليج في مقاربتها للمواقف الإيرانية التصعيدية فيما يخص المنطقة ككل وليس الجزر الإماراتيةالمحتلة وحدها، لأن التهديدات الإيرانية إذا ما شكلت هاجسا لدى دول الخليج فهي بلا شك ستحول دون تركيز هذه الدول على ملفات استراتيجية أكثر أهمية من تصريحات صادرة عن نظام شوفيني. ويتابع قائلا «دول الخليج مدعوة إلى تركيز جهودها وطاقاتها حول مسائل التنمية والتكامل الاقتصادي فيما بينها، وقبل ذلك الشروع في الخطوات الأولى للتحول الكلي إلى الاتحاد الخليجي، كما أن التركيز على تحصين الداخل الخليجي، وتماسك الجبهة الداخلية الخليجية، التي لابد أن تكون عصية على الاختراقات المستهدفة، هو ما سيمكن دول الخليج من تعزيز مواقفها الدفاعية أمام أطماع الخارج بما فيها الأطماع الفارسية في الخليج العربي».