أكد نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية بلجيكا ديديه ريندرز أن الملف السوري كان حاضرا بقوة في الدورة الحالية للجمعية العامة للأمم المتحدة، مؤكدا أن المجتمع الدولي يدعم مهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي إلى جانب فرض العقوبات على نظام بشار الأسد. وقال ريندرز في حوار مع «عكاظ» إن بلاده تتطلع لتعاون إيجابي من روسيا والصين يراعي الوضع الإنساني للشعب السوري. وشدد على ضرورة وقف إطلاق النار واتخاذ خطوات سياسية تمهد للحوار والانتقال السلمي للسلطة في سورية. وعن البرنامج النووي الإيراني أكد أن المجتمع الدولي لن يقبل السماح لإيران بالتسلح نوويا. وفيما يلي نص الحوار: شهدت الساحة البلجيكية لقاءات برلمانية مع مجلس الشورى السعودي .. ما تفاصيل هذه اللقاءات ؟ زار وفد من مجلس الشورى السعودي مؤخرا البرلمانين الأوروبي والبلجيكي. وحرصنا خلال الزيارة على التأكيد على التواصل وتفعيل العلاقات في شتى المجالات لا سيما المجال البرلماني. ورافق الوفد السعودي وفد من مجلس التعاون الخليجي. وكانت لتلك الزيارة أبعادا مهمة سيما على العلاقات الأوروبية الخليجية. ومن جانبنا يهمنا التعرف على مجالس الشورى بدول الخليج والتعاون معها في المجال البرلماني. وسوف يقوم وفد برلماني أوروبي قريبا بجولة خليجية تشمل المملكة. ما تقييمكم للعلاقات البلجيكية السعودية ؟ نحن حريصون دائما على العلاقة التاريخية التي تربطنا مع المملكة. ونقدر الدور المهم الذي تضطلع به المملكة ومبادرات الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي تأتي في إطار سياسة تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. وهو أمر لمسناه في لقاءاتنا العديدة مع المسؤولين السعوديين. وكان محور المشاورات التي أجريناها مع رئيس مجلس الشورى السعودي الدكتور عبدالله بن محمد آل الشيخ الذي رأس الوفد البرلماني الخليجي أثناء زيارته بلجيكا، فضلا عن لقاءات عقدناها مؤخرا على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة. والزيارات العديدة التي قام بها سمو ولي العهد البلجيكي الأمير فيليب إلى المملكة وبرفقته وفد وزاري على أعلى المستوى. تبدون اهتماما بمبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز الخاصة بحوار أتباع الأديان والثقافات، ما الذي لفت انتباهكم إليها ؟ نحن في بلجيكا يهمنا التواصل مع مختلف الثقافات. ومن هذا المنطلق نرى في المبادرة التي أطلقها الملك عبدالله انطلاقة للعالم كله، لأنها أكدت استعداد العالم الإسلامي للحوار وسعيه لفتح قنوات مع أتباع الأديان الأخرى. وفي رأيي أن هذا أمر مهم جدا سيما في المرحلة الراهنة التي تشهد صراعات عدة سواء كانت عرقية أو دينية أو ثقافية. فالمبادرة تنادي بالتسامح واحترام الآخر وهو المطلوب اليوم بعد الأحداث التي شهدناها بسبب الفيلم المسيء للإسلام. كيف تقرؤون مقترح الملك عبدالله لتأسيس مركز لحوار المذاهب الإسلامية في الرياض ؟ بالتأكيد هذا مقترح مهم جدا. ونرحب به لأنه ينطوي على بعد نظر وحكمة سياسية يتمتع بها الملك عبدالله كما تعودنا منه دائما. وفي رأيي أن الوقت ملح جدا لمثل هذه المبادرة والتوجه. ونحن ندعم الفكرة ونعتبرها خطوة لفتح قنوات اتصال وخلق روح من التفاهم ليس مع المذاهب الإسلامية فحسب وإنما أيضا معنا نحن في أوروبا وفي بلجيكا بصفة خاصة، علما بأن لدينا جالية مسلمة، ويعتبر المسلمون بجميع مذاهبهم جزءا من المجتمع البلجيكي. إلى أي مدى ساهمت اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في إيجاد حل للأزمة السورية ؟ أقول إن القضايا العربية خاصة الأزمة السورية كانت وما زالت ضمن اهتمامات بروكسل خاصة بعد انعقاد اجتماع مجلس الأمن الموسع الذي تناول برئاسة ألمانيا أحداث المنطقة العربية، وسياسة التنمية التي نعتبرها من الأولويات حتى يتحقق الأمن والاستقرار في دول الربيع العربي. والأزمة السورية كانت حاضرة في اجتماعات الأممالمتحدة. في ظل التصعيد الذي تشهده أزمة سورية، كيف ترون الحل الممكن لهذه الأزمة ؟ أولا نطالب وبشكل سريع بإرسال مراقبين دوليين يقومون بمراقبة المستشفيات السورية، لأنه مع العدد المتزايد من القتلى والجرحى بات من الضرورة أن نحافظ على المستشفيات ونوفر لها العمل، فضلا عن أننا نطالب بوقف إطلاق النار واتخاذ خطوات سياسية تمهد للحوار والانتقال السلمي للسلطة في سورية. وثانيا نخشى من تفاقم الحرب الأهلية داخل سورية. ونتطلع إلى أن يتمخض النقاش حول الملف السوري في الجمعية العامة للأمم المتحدة عن تحرك دولي يدعم مهمة المبعوث الأممي العربي الأخضر الإبراهيمي. ونحن نقف وراء سياسة فرض العقوبات على النظام السوري. ونرجو تعاونا إيجابيا من روسيا والصين يأخذ في الاعتبار الوضع الإنساني للشعب السوري. وأخيرا ندعو لوحدة صف المعارضة السورية بما يمهد لخطوات المرحلة الانتقالية. ما هي الملفات السياسية التي تتعاونون بشأنها مع المملكة ؟ العلاقات البلجيكية السعودية متنوعة وتأخذ جوانب عدة نعمل من خلالها من أجل دعم العلاقات الثنائية بين البلدين وتكثيف تبادل الآراء والاستفادة من خبرات الجانبين في ملفات التعليم والتجارة والحوار. كما يهمنا التعاون في ملفات نعتبرها أساسية للدبلوماسية البلجيكية وهي ملفات الأمن والاستقرار والشراكة الدولية والعلاقات البرلمانية. ونرى أن دور المملكة مهم على الصعيدين الخليجي والدولي. ونتابع باهتمام الدبلوماسية السعودية ودعمها لسياسة الأمن والاستقرار في منطقة الخليج والشرق الأوسط عموما. وهي ملفات تدخل في إطار اهتماماتنا. فنحن ندعم السلام في الشرق الأوسط ونرى ضرورة الحفاظ على أمن الخليج. ومن هذا المنطلق تبرز أهمية العلاقات بين البلدين. وبالطبع تفتح هذه الملفات مجال توسيع علاقتنا مع دول الخليج والتعاون في ملف جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من السلاح النووي وأسلحة الدمار وبالتعاون مع المنظمة الدولية للطاقة الذرية إلى جانب اهتمامنا بالتعاون في ملف مكافحة الإرهاب. ما موقفكم حيال مطالبة فلسطين بالاعتراف بها كدولة غير عضو في الأممالمتحدة ؟ نحن نطالب بعملية سلام في الشرق الأوسط ولا نرى بديلا لخيار الدولتين. وكما هو منصوص في البيانات الأوروبية فإننا نرى أن سياسة الاستيطان تعتبر عقبة حقيقية أمام السلام. ولذلك نطالب بوقف الاستيطان واستئناف المفاوضات ونقدر المطالب الفلسطينية في الأممالمتحدة، ونعتقد أن بدء المفاوضات سيحقق للفلسطينيين مطالبهم المشروعة ولا ينبغي أن تغلق الأبواب أمام خيار الدولتين. شهدت دهاليز الجمعية العامة للأمم المتحدة اجتماعا وزاريا لمجموعة 5 + 1، ما تقييمكم لنتائجه ؟ المشاورات بين المجموعة الدولية للتحضير للخطوات التالية لاجتماع مرتقب بين القوى الدولية وألمانياوإيران بشأن الملف النووي الإيراني مهمة جدا. ونحن نؤكد دائما على أن حل أزمة البرنامج النووي الإيراني ستدعم سياسة التعاون الأوروبي مع طهران. كما أنها ستكون مرتكزا لأمن واستقرار الخليج. ومن هنا ندعو إيران للكشف عن طبيعة برنامجها النووي والتأكيد على الاستخدام السلمي للطاقة النووية وألا تطمح إلى الحصول على السلاح النووي، فالمجتمع الدولي لن يقبل ذلك. وعلى هذا الأساس نحن مستعدون لسياسة العقوبات وهناك بنود سيتم مناقشتها خلال القمة الأوروبية المرتقبة في 19 أكتوبر في بروكسل. تحرص بلادكم على الاهتمام بالعلاقات مع الدول الأفريقية والاتحاد الأفريقي، ما سر ذلك الاهتمام ؟ تربطنا علاقات تاريخية مع القارة الأفريقية، وعلى هذا الأساس رحبنا بالقرار الأوروبي بمد مهمة المراقبين الأوروبيين في الكونغو الديموقراطية لمدة عام آخر. كما خصص الاتحاد الأوروبي مبلغ 11 مليون يورو لدعم الأمن وتدريب الشرطة وتحقيق مفاهيم حقوق الإنسان. أكدتم أهمية الالتزام ببنود ريو + 20 والتركيز على البرنامج التنموي حتى عام 2015، أين موقع أفريقيا من هذا الملف ؟ أعتبر التنمية المستدامة في إطار مجموعة ريو + 20 التابعة للأمم المتحدة من الأولويات لتحقيق سياسة الأمن والاستقرار والحد من التطرف بجميع أشكاله. وهي الأولويات التي تضمنها البيان الختامي لقمة ريو دي جانيرو التي عقدت في يونيو الماضي تحت شعار (المستقبل الذي نريده)، ومن هذا المنطلق نرى أهمية أفريقيا كقارة ينبغي أن يعم فيها السلام والتنمية. وهي سياسة لها إيجابيات وبعد استراتيجي مهم ليس على مستوى أوروبا فحسب بل أيضا على مستوى شمال أفريقيا ومنطقة الخليج، فضلا عن أنها تحد من الهجرة غير الشرعية إلى بلد ثالث. ويشمل هذا الملف تحسين الأوضاع في الصومال بعد انتخاب الرئيس الجديد والتعاون في مجال مكافحة القرصنة في القرن الأفريقي. وهذه هي الملفات السياسية الاجتماعية إلا أن ملفات البيئة والتي ركزت عليها قمة ريو الأولى لا ينبغي تجاهلها لأن الأمن والاستقرار في حاجة أيضا إلى التعامل السليم مع البيئة ومع الطاقة وإلى سياسة بناءة لمكافحة الفقر.