مع هبوب نسمات باردة وتحليق سحابة ممطرة على كورنيش جازان، جلس رجل مسن محتضنا طفلين في عمر الزهور، كان يداعبهما تارة وأخرى يركض خلفهما خشية ذهابهما إلى الطريق الرئيسي فيتعرضان للخطر. اقتربنا منه أكثر وجلسنا بجانبه، ليبدأ بيننا حوار قصير، اكتشفنا بعده أن الطفلين هما حفيداه، وبدأ صديق محجب حديثه بالقول: «كلما ساعدتني صحتي على المشي أمسكت بيدي حفيدي وجئت بهما إلى هذا المكان». العودة للطفولة وأضاف «هنا نجلس وهنا نتأمل البحر ونلهو ونضحك، وهنا استرجع طفولتي التي مررت بها قبل أكثر من 70 عاما، ولكن بعيدا عن البحر»، ويتابع: «ولدت ونشأت في قرية فيها القليل من الخدمات، وعندما كبرت انشغلت بأمور الحياة وتزوجت وأنجبت، ومع مرور السنين بلغت من العمر ما بلغته حتى أصبح كل همي أن أقضي بقية حياتي وأنا أداعب أحفادي وألاطفهم واصطحبهم إلى البحر خاصة وأننا نسكن بالقرب منه». وزاد: «الحياة كلها طفولة وابتسامة وأشعر بسعادة كلما جئت بحفيدي إلى هنا ولكن أتمنى أن أجد لهما هنا ألعاب مراجيح صغيرة يتسلون فيها ويمرحون». ظروف صحية وفي موقع آخر وعلى صدى تلاطم الأمواج وهديرها، حلقت عينا ناصر أحمد الذي كان يصطحب طفلة صغيرة، كانت تقفز كالفراشة فوق رصيف الكورنيش وهو يتابعها مبتسما، فقال والابتسامة تعلو محياه «هذه ابنتي ووجودي هنا على كورنيش البحر في هذا الوقت ليس للمتعة أو التنزه، فرضته ظروف ابني الصحية، فابني يعاني من مشاكل صحية أجبره الأطباء على المواظبة على العلاج الطبيعي، لذلك أصطحبه إلى المستشفى القريب من هنا، وآتي إلى هنا أقضي وقتي حتى ينتهي من علاجه قبل أن أتوجه به إلى المنزل بعد أن أعرج بهذه الطفلة إلى مدرستها. توفير الخدمات من جانبه، يضيف إسماعيل محمد قائلا : «رغم جمال الكورنيش إلا أنه بحاجة إلى زيادة عدد مقاعد الجلوس وإلى مظلات تقي المتنزهين حرارة الشمس، فضلا عن أكشاك لبيع العصائر والمرطبات بأسعار مقبولة». وفي السياق نفسه، قال إبراهيم عبدالله، إن الجلوس أمام البحر والاستماع إلى هديره هي متعة لا توصف، لكنها للآسف متعة ناقصة في ظل نقص خدمات المتنزهين، وبالذات دورات المياه وأكشاك البيع ومظلات تقينا حرارة الشمس. وعلى الجانب الآخر، كان مجموعة من الشباب يمارسون هوايتهم في السباحة ويتبادلون فيما بينهم المزاح البريء، إذ يقول سلطان سعيد «نسكن بالقرب من البحر وهذا أمر جيد وكلما وجدنا وقت فراغ قضيناه في السباحة في مياه البحر أو التنزه على شاطئه الذي نتمنى أن يكون أفضل مما عليه الآن، خاصة ان مياه البحر صافية ونظيفة. ويستطرد زميله ناصر أحمد بالقول: «كل شيء في جازان جميل، وخاصة البحر الذي يجمعنا بالعديد من الشباب، حيث نقضي أوقات فراغنا بالجلوس على شاطئه، ونتمنى من البلدية أن تهتم أكثر وتوفير لنا الخدمات الأساسية، وتكثف من مراقبة الباعة الجائلين الذين يمارسون بيع المواد الغذائية التي قد ينتج عنها بعض الأمراض». رأي الأمانة إلى ذلك، أكد المتحدث الرسمي في أمانة جازان طارق الرفاعي، اهتمام الأمانة بتوفير كافة الخدمات الأساسية على امتداد الكورنيش الشمالي، الجنوبي والجنوبي الغربي، والذي يشهد تحسنا في الخدمات المقدمة، وقال: «هذا العام ستشهد هذه المرافق مزيدا من الخدمات في عدد دورات المياه، وفي أكشاك البيع وفي المظلات والمقاعد المخصصة للجلوس»، مؤكدا حرص الأمانة على توفير كل احتياجات المتنزهين. وتمنى الرفاعي على المتنزهين وعشاق البحر المحافظة على الخدمات المتوفرة، وعلى دورات المياه التي تتعرض وباستمرار للتكسير والعبث والكتابة على جدرانها بعبارات خادشة مما نضطر معها إلى إخضاعها للصيانة المستمرة. وأشار الرفاعي، إلى وجود فرق رقابية تتابع باستمرار خدمات البيع على شاطئ البحر، وختم بالقول: «ضبط مفتشو الأمانة العديد من الباعة الجائلين، وصادروا كميات من السلع، وطبق بحقهم الجزاءات المنصوصة».