يتقنون العزف على أوتار العواطف لاستدرار جيوب المواطنين، ويتفنون في اصطناع الحيل تارة بالأوراق المزيفة وفواتير الديون ومصاريف العلاج، وفي أخرى بادعاء العجز وإظهار المعاناة من عاهة جسدية إضافة للتخفي من خلال ارتداء الملابس البالية. ويستغل المتسولون دخول المواسم الدينية، لممارسة حيلهم على المواطنين والوافدين من زوار بيت الله الحرام، خاصة في جدة. ويردد المتسولون الدعاء للمعطي بالبركة والصحة، ليتم البحث عن فريسة أخرى، وهكذا تدور العجلة في حياة المتسولين تحديدا في موسمي رمضان والحج، ورصدت «عكاظ» أثناء جولتها أمام الإشارات والمواقع التجارية، مضايقات المتسولين لقائدي المركبات. وأشار عدد من المواطنين إلى أن الظاهرة تزداد بشكل لافت، خاصة في شهر رمضان ومواسم الحج والعمرة، مما يعني وجود خلل يستدعي البحث عن الطريقة المناسبة لعلاج هذه الظاهرة السيئة. انتشار العصابة وأكد مشعل المطيري، أن ظاهرة التسول انتشرت بشكل كبير أمام بوابات المساجد والأسواق الكبرى وفي مواقع عديدة، خاصة عند إشارات المرور، منوها بأن لكل موقع فئة عمرية، فأمام الإشارات الضوئية يتواجد النساء والأطفال في فترة ما بعد الظهر إلى المساء من الجاليات الأفريقية والشرق آسيوية، بينما تحتكر إحدى الجاليات العربية بوابات المساجد والأسواق التجارية في أوقات الصلوات، مشيرا إلى أن هذه الظاهرة السيئة لا تزال مستمرة وتحظى بتعاطف البعض بشكل كبير رغم الكشف عن ضبط عدد من الشبكات التي تقوم بتشغيل الأطفال والنساء لممارسة التسول. من جهته وصف المواطن سعيد الغامدي التسول بالظاهرة الخطيرة على أمن المجتمع، مؤكدا أن الجهات الأمنية كشفت عن ضبط مبالغ مالية كبيرة بحوزة عدد من المتسولين من الممكن أن يتم استغلالها لتهديد الأمن الوطني في حال وصولها إلى شبكات إجرامية. وبين الغامدي أن أبواب الخير والأجر كثيرة ومعروفة وبإمكان المتبرعين والراغبين في البذل والعطاء التوجه إلى الجمعيات الخيرية المعروفة والمسجلة في الجهات الرسمية لتقديم صدقاتهم لها، كي يتم إيصالها للمحتاجين بشكل سليم، لافتا إلى أن إحدى الحملات الخاصة بمكافحة المتسولين ضبطت في أحد المساجد مؤخرا متسولا عثر بحوزته على كمية من اللفافات الصغيرة التي يدعي أنها تجلب البركة وتحمي من العين، إضافة للمبالغ المالية التي جمعها من المصلين. مسؤولية مشتركة من جانبه كشف فهد الجهني، عن عاطفة المجتمع السعودي، بالإضافة إلى أنه يقع دائما ضحية للعاطفة بشكل فاضح، رغم الكشف عن الإيقاع ببعض الشبكات والعصابات الوافدة التي تمارس من خلال أفرادها مهنة التسول في مواقع عدة وبحوزتهم مبالغ كبيرة من المال، مشيرا إلى أن ظاهرة التسول تسيء إلى بلادنا، والتعاطف مع المتسولين يتيح لهم الحصول على أموال قد يتم استخدامها في الإضرار بالوطن والمواطن، مطالبا الجميع عدم التهاون والابلاغ عن مواقع المتسولين، لافتا إلى أن محاربة المتسولين مسؤولية عامة وليست مسؤولية جهات. فيما طالب سلمان الرشيدي بتخصيص رقم طوارئ للإبلاغ عن ظاهرة التسول ومواقع تواجد المتسولين، مؤكدا أنه تفاجأ في آواخر رمضان بمحاولة أحد المتسولين سرقة هاتفه الجوال خلال انشغاله بإخراج مبلغ مالي من محفظة النقود ليعطيه له إلا أنه تنبه لمحاولته وقام بضبطه والاتصال بالدوريات الأمنية التي بدورها تحفظت عليه وأحالته إلى قسم الشرطة ليتم الكشف لاحقا من خلال التحقيقات عن مجموعة من أبناء جلدته يمتهنون التسول وسرقة الجوالات يختبئون في أحد المنازل الشعبية في حي البلد. السعوديون قلة في المقابل أوضح مدير عام الشؤون الاجتماعية في منطقة مكةالمكرمة عبدالله آل طاوي، أن التسول وسيلة ممقوتة وغير مشروعة لكسب الرزق، وسعت المملكة للقضاء على هذه الظاهرة بعمل مسوح ودراسات علمية. وقال: أشارت الإحصائيات لآخر ثماني سنوات مضت إلى أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب إذ تتراوح نسبة السعوديين من المتسولين بين (13 21%) بينما تتراوح نسبة الأجانب من المتسولين بين (78 87%). وأفاد آل طاوي أن صور التسول وأشكاله تزداد في مواسم الحج والعمرة وتنتشر في المناطق التي يرتادها الزائرون فضلا عن أنهم يضاعفون نشاطاتهم للتسول في شهر رمضان، مبينا أن هناك لجانا تابعة للشؤون الاجتماعية تدرس حالة الأسرة للطفل السعودي المتسول وتقدم له الخدمات اللازمة بشكل عاجل. وأضاف: هناك توجيهات من أمير المنطقة بتقديم الخدمة لهؤلاء الأطفال المتخلفين عن الدراسة ويؤخذ تعهد على ولي الطفل برعاية طفله وعدم إهماله وإلا سيعرض نفسه للمساءلة القانونية، وأشار إلى أن وزارة الشؤون وفرت (8) مكاتب في مختلف مناطق المملكة إضافة إلى (3) دور إيوائية في مكة والطائف وجدة أسهمت في معالجة الكثير من حالات المتسولين. حملات سرية إلى ذلك أوضح المتحدث الأمني لشرطة جدة العميد مسفر الجعيد، أن هناك فرقا أمنية سرية تتابع أماكن تواجد المتسولين، مشيرا إلى أن شرطة جدة ألقت القبض على 1012 متسولا خلال عدد من الحملات الأمنية التي شملت عدة مواقع في الكورنيش، مؤكدا أن شرطة جدة قد تلقت بلاغات من مواطنين على هاتفها رقم (6425550) حول الاشتباه في مواقع وأشخاص وعلى إثرها جرى عمل التحريات اللازمة وبعد التأكد من صحة تلك البلاغات تمت مداهمتها وتفتيشها وضبط بداخلها عدد من المخالفين لأنظمة الإقامة والعمل والمطلوبين في قضايا جنائية منوعة، إضافة لعدد من المتسولين وتم اتخاذ اللازم حيال المقبوض عليهم، وإحالتهم إلى جهات الاختصاص والتحقيق لاستكمال الإجراءات اللازمة.