أبدى المدعي العام تحفظه على مذكرات الرد التي قدمها المحامي المصري أحمد الجيزاوي وشريكاه، وقال للقاضي في ثالث جلسات المحاكمة التي عقدت صباح أمس في المحكمة العامة بجدة: «لقد تم الاطلاع على المذكرات، فلم أجد فيها ما يستوجب الرد والإجابة»، حيث شهدت الجلسة تطورا لافتا باستدعاء أربعة من موظفي جمارك مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، بما فيهم المدير المناوب، وذلك لاستنطاقهم والإدلاء بأقوالهم تجاه عملية الضبط. واستهل القاضي الجلسة باستحضار التقرير الطبي الصادر عن مستشفى الملك فهد بجدة، إذ تلاه قائلا: «وردت الإفادة متضمنة بأنه لا توجد أية علامات مرضية»، داحضا ادعاءات التعذيب. وقائع الجلسة وتسبب تعثر نقل المتهمين من السجن العام إلى المحكمة العامة في تأخير الجلسة لساعة واحدة و20 دقيقة، حيث أدخل المتهمون المجلس القضائي السادس عشر عند الساعة 11.12 صباحا، وبعد ثمان دقائق أخذت اللجنة القضائية مكانها، والمشكلة من ثلاثة قضاة برئاسة الشيخ بسام الجنيدي، وعضوية الشيخ صالح الزايدي والشيخ ناصر السلمي، واستمرت حتى الساعة 11.55 بإعلان تأجيلها إلى يوم الأربعاء 24/11/1433ه الموافق 10/10/2012م. وجلس الجيزاوي وشريكه المصري إسلام محمود بكر في الصف الأول، بينما كان الملفت أن رافق المتهم السعودي سجين آخر أبدى رغبته في حضور الجلسة، إذ جلس الاثنان في الصف الثاني، مرتبطين بقيد واحد في اليد اليسرى للمتهم واليد اليمنى لمرافقه. فك القيود وتسلم القاضي من المستشار القانوني في القنصلية المصرية العامة ياسر علوان مذكرة الرد الخاصة بالشريك المصري إسلام بكر، والتي أعيدت إليه في الجلسة الماضية قبل ثلاثة أسابيع لكتابتها بواسطة الحاسب الآلي بدلا من خط اليد، ثم طلب من القاضي السماح بفك القيود عن المتهمين، وتزويدهم بأوراق وأقلام لتدوين وقائع الجلسة، فأمر القاضي بفك القيود إلا أن رجل الأمن المرافق اعتذر عن ذلك بحجة أن المفتاح في شعبة السجن العام وليس معه، بينما استجيب لطلبه الآخر وتم تزويد المتهمين الثلاثة بالأوراق والأقلام. ثلاثة آلاف حبة وألمح المدعي العام إلى أنه سيقدم بينات تدين الجيزاوي ذاته، بينما شريكه المصري إسلام بكر قد اعترف بحيازة 3034 حبة (زاناكس) وتخبئتها في حقيبة الحاسب الآلي، وتم ضبطه في مطار الملك خالد الدولي قبل أشهر من مشاركته في عملية تهريب 21 ألفا و380 قرصا من العقار نفسه، والتي تصدر لها الجيزاوي عبر مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة. وأقر الشريك بحيازته لتلك الأقراص، بأنها (استخدام شخصي وليس ترويجا). استدعاء الجمارك وانطلق المدعي العام بعرض البينات التي تدين الجيزاوي بطلب شهادة موظفي الجمارك على أن يكمل البقية في الجلسة المقبلة بعد أسبوعين، فأقر القاضي أن يدلي الشهود بأقوالهم فرادى لا مجموعين، وتحتفظ الصحيفة بأسماء الشهود والمزكين لدواع أمنية. فاستدعى القاضي الشاهد الأول عند الساعة 11.27، فقال: «أسكن في حي الرغامة بمدينة جدة، وأعمل مدنيا في مصلحة الجمارك في جدة، ومتزوج ولدي أبناء، ولا علاقة لي بالمدعى عليهم جميعا، فأشهد بالله العظيم أن المدعى عليه الأول (الجيزاوي وأشار إليه بإصبعه) قد أحضر معه أدوية في صناديق لحفظ المصحف الشريف وعلب حليب سائل اسمها جهينة، وقد قمت أنا بتفتيش أغراضه ورأيت ذلك، وكان برفقتي زميل في العمل»، ثم دارت الأسئلة بين المدعي العام والجيزاوي ذاته: ** المدعي العام: هل لديك علم بما تحتويه هذه الأدوية ؟ ** الشاهد: ليس لدي علم بها، وقد قمنا بتسليمها إلى رئيسنا في العمل، وأعد بذلك محضرا قمنا بالتوقيع عليه. ** المدعي العام: وهل كانت علب الحليب مقفلة ؟ ** الشاهد: نعم، وقد قام الجيزاوي بتغطيتها بأكياس من الماكرونة. ** الجيزاوي: كم كنت أحمل من الشنط ؟ ** الشاهد: كنت تحمل ثلاث شنط فقط. ** المدعي العام: هل كان معه أحد ؟ ** الشاهد: نعم، كانت زوجته معه، وامرأة أخرى لا أدري من هي. تسليم الجيزاوي للمدير المناوب وأحضر القاضي الشاهد الثاني عند الساعة 11.36، فأدلى بشهادته قائلا: «أسكن في حي الصفا بمدينة جدة، وأعمل مراقبا جمركيا في مطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، ومتزوج ولدي أبناء، ولا تربطني مع المدعى عليهم أية علاقة .. وأشهد بالله العظيم أن المدعى عليه الأول (الجيزاوي وأشار إليه) قد حضر ومعه امرأتان، فقمت أنا وزميلي في العمل بتفتيش أغراضه بعد تمريرها على الجهاز والاشتباه بما فيها، فوجدنا كمية من الأدوية في علب المصاحف وعلب الحليب السائل التي تحمل اسم جهينة».. ثم دار هذا الحوار: ** القاضي: وهل تعلم عن هذه الحبوب ومكوناتها ؟ ** الشاهد: لا أعلم عن ذلك شيئا، وقد تم تسليمها لرئيسنا في العمل، وقام بإعداد محضر وبعثها للجهات المختصة. ** المدعي العام: هل وضعت الأدوية في أماكن أخرى غير ما ذكرت ؟ ** الشاهد: لا، ولكن الجيزاوي قد وضع ذلك تحت الملابس، وفوقها أكياس من الماكرونة. ** الجيزاوي: كم عدد الشنط التي كنت أحملها ؟ ** الشاهد: ثلاث شنط. ** الجيزاوي: وهل قمت بالخروج من الدائرة الجمركية بعد القبض علي ؟ ** الشاهد: لقد قمت بتسليم الجيزاوي إلى رئيس الفترة مباشرة بعد الاشتباه به. تزكية الشهود ثم أحضر المدعي العام المدير المناوب ذاته الذي شهد عملية ضبط الجيزاوي وزميله الآخر في العمل، حيث شهدا أن الشاهدين الاثنين عدلان، وشهادتهما مقبولتان. مواجهة المستشار القانوني وقبل بدء الجلسة وقفت مع المستشار القانوني في الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان المحامي سليمان الحنيني، ومحامي المتهم السعودي رامي حلواني، والمستشار القانوني بالقنصلية المصرية ياسر علوان، ووجهت للأخير سؤالا واحدا، لماذا تنكرون إدانة الجيزاوي وقد سبق أن خط بيده اعتذارا وطلب العفو من خادم الحرمين ؟، فأجاب: «لا أدري، وهذا يجيب عليه الجيزاوي نفسه، ولكن اجتهادا مني أعتقد أن طلب العفو لا يعني الإدانة، ثم إن الظروف التي صاحبت رسالة الجيزاوي من إغلاق السفارة السعودية ونحوها يكون مخولا لطلب العفو». الزوجة تطلب العفو ورغم تبرير المستشار القانوني طلب الجيزاوي العفو من خادم الحرمين، خرجت زوجته شاهندة فتحي على قنوات مصرية طالبة العفو الملكي، وقالت من مقر نقابة الصحفيين إن الرئيس المصري محمد مرسي وعدها بالإفراج عن الجيزاوي، لكنه لم يجر أي تغيير في القضية، وسوف أصعد الأمر إذا لم تتخذ الرئاسة موقفا صريحا، وتحاول استصدار عفو ملكي.