تمثل قضايا «الناس» الشخصية نسبة كبيرة من أعمال المحاكم الشرعية في بلادنا.. فقضايا الطلاق والخلع والرجعة والنفقة والإرث والوصية والنسب.. إلخ هذه القضايا تشغل من وقت المحاكم زمنا طويلا.. وتتعطل القضايا بتداخل موضوعاتها وانتشارها بين أروقة المحاكم حيث تختلط قضية نفقة أو حصر إرث أو حضانة الأطفال مع القضايا الأخرى الكبيرة منها والصغيرة وتكون النتيجة النظر من القضاة في تلك القضايا بحسب مواعيدها. بالأمس تبدد هذا الخلط لدي عندما وجدت نفسي في محكمة الأحوال الشخصية بجدة وهي إحدى نتائج مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير القضاء.. كما أنها تطوير لمحاكم الضمان والأنكحة السابقة مع توسيع لاختصاصاتها في خطوة تحسب لوزارة العدل التي قفزت بخدماتها محققة التنفيذ المتأني والمتقن لمشروع تطوير القضاء. لقد أصبحت للأحوال الشخصية التي تشتمل على أكثر خمسين حالة مصنفة ومثلها غير مصنفة محكمة تنظر فيها وتتعامل معها بما تمليه الشريعة من أحكام وبما يراه القضاة محققا للعدل والإنصاف. في محكمة الأحوال الشخصية بجدة.. رأيت تنظيما.. ومبادرات.. وعملا دؤوبا يعكس ما للأحوال الشخصية من أهمية في حياتنا.. وما للفصل في قضاياها من أولوية قصوى في مجتمع إنساني تختلف فيه القضايا بحسب الوعي والثقافة والفهم والإدراك الإنساني مما قد لا تصل معه أغلب حالات الاختلاف الى القضاء وتنتهي بالصلح والتفاهم. سعدت كثيرا وأنا أستمع إلى رئيس محكمة الأحوال الشخصية بجدة وهو يشرح لي أهمية الفصل في القضايا المنظورة لديهم.. واقتنعت حقيقة بمبادرات القضاة في التأني خصوصا في قضايا «الطلاق» التي يشكو فيها المطلقون من الرجال أو الراغبات في الطلاق من النساء من طول فترة الانتظار.. حيث يقول «الشيخ سالم آل فرحة» إنه من الممكن البت في جلسة واحدة وعلى وجه السرعة في قضايا الطلاق غير أن الانتظار والتأني في كثير من الأحيان يلغي القضية من أساسها وتعود الحياة الزوجية الى مجراها الطبيعي.. ويضيف بأن التزويج هو أسرع الإجراءات.. بمعنى أن الوصل أسرع من الفصل في العديد من قضايا الطلاق. ورغم أننا نستعجل النتائج.. الا أن الحقيقة هي أننا في تطور قضائي مستمر.. والسير على الطريق الصحيح حتى وإن كان بطيئا.. أفضل من الارتجال والنكوص. [email protected]