في مثل هذا اليوم أشرقت شمس الوحدة على أرض المملكة .. ومع بزوغ فجر ذلك اليوم تلقت رسالة مضمونها أن هذه الأرض الطيبة الطاهرة التي تلقت أنوار رسالات السماء، ونشأ على ثراها أكرم الرسل وأشرف الأنبياء، وشرفها ذو الجلال والإكرام بأن وضع للناس فيها بيته العتيق الحرام وجعله قبلة الأتقياء من سائر الأنام هي .. هي .. أبدا .. الأرض الطيبة الودود الولود المهيأة لإنجاب أعظم الرجال الشجعان الأبطال الذين يبعثهم الله على رأس كل حقبة من الزمان ليرسخ بهم ومعهم الأمن والإيمان، يجدد – مع تمسكهم بتعاليم السماء – بناء الإنسان. في مثل هذا اليوم التاريخي المجيد قام الفارس المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بعمل وطني إيماني عملاق مشهود، جمع شتات الجزيرة ووحد أراضيها ورفع راية التوحيد فوق كل بقاعها وأرجائها، ورأس ركائز ودعائم دولة الإسلام النموذج المثالي التي بها ومعها تظهر وتبرز في وضوح تام وجلاء تفوق وتقدم وتألق مبادىء الشريعة الغراء، وأعطى الفارس البطل إشارة البدء لمرحلة واعدة جديدة للمملكة الموحدة التي رحل عنها وإلى غير رجعة الخوف والفزع، وحل فيها الأمن والسلام نحو عهد سعيد تتضافر فيه الجهود للإنتاج والتنمية والبناء وتشابك الأيدي تحت لواء الود والإخاء، وانطلق القائد الباني بأمته نحو آفاق رحبة من البركة والرخاء، تحيط به أرواح أبناء أمته الأوفياء، وقدم لأمته رهطا مباركا من الأبناء الكرام النجباء، وحين التحق القائد بالرفيق الأعلى تسلموا من بعده الراية كابرا عن كابر، وواصلوا حمل الرسالة وأداء الأمانة إلى أن آلت ولاية الأمر إلى الملك الصالح خادم الحرمين الشريفين، وبقوة وإيمان وحكمة واقتدار قاد المسيرة، مسيرة البناء والتعمير أكرم شعب في أطيب ديار، وليثبت للدنيا من جديد أن أمة العروبة والإسلام هي في الأصل الثابت والأساس، هي كما أرادها الحق تبارك وتعالى «خير أمة أخرجت للناس». ولم تقف الأعمال الصالحات للملك عبدالله عند حدود مملكته ولم تقتصر إنجازاته على تحقيق النهضة لوطنه والرخاء لأمته، بل امتد بذله وانتشر عطاؤه ليصل إلى الناس في شتى البقاع، يمد يد العون للمحتاج ويواسي المنكوب وينفق بسخاء في خدمة الإسلام والمسلمين، ويؤتي المال على حبه بلا حدود ودون تقدير أو حساب أو قيود، كل ذلك يفعله عن رضا لوجه الله لا يريد جزاء ولا شكورا من أحد سواه. حقا وصدقا .. إن اليوم الوطني لمملكة الأمن والإيمان دار الإسلام الأولى وواحة السلام ليس يوما للمملكة وحدها، لأهلها الأوفياء الكرام وقادتها الأتقياء العظام، وإنما هو عرس للعرب والمسلمين بعامة وهو بخاصة يوم لمصر الكنانة، فهو عندنا يوم ذو قدر كبير ومكانة، كيف لا وقد علمت الدنيا أنه ما من شعبين على وجه الأرض تربطهما روابط أزلية وعرى وثيقة قوية مثل ما يربط الشعبين المصري والسعودي، وأنه ما من مودة حميمة وتناغم وتلاق في وجهات النظر وحسن تفاهم ومحبة عميقة وإخاء صادق وتلاحم يماثل ما بين من البلدين الشقيقين. تعبيرا عن صدق مشاعر شعب مصر الكنانة الذي يكن للمملكة العربية السعودية شعبا وقيادة أعمق معاني المودة والمحبة، وينزلها من قلبه في أعز مكانة تعبيرا عن صدق مشاعر مصر الكنانة، نبادل الأمة السعودية الوفية الكريمة وقيادتها المؤمنة الراشدة العظيمة أرق التهاني والتبريكات باليوم الوطني، فكما أنه يوم السعودية فهو يوم مصر .. وعرس العروبة والإسلام .. لأنه يوم تأسيس دولة الإسلام القدوة والنموذج، يوم العزة والشرف. *رئيس محكمة الاستئناف سابقا عضو المجمع العلمي المصري ورئيس الهيئة التأسيسية للجمعية المصرية السعودية للتآخي والتواصل.