يأتي اليوم الوطني فيذكرنا بالتاريخ الذي عبر بنا بكل تحدياته وإنجازاته إلى هذا الزمن الحديث .. التحديات والإنجازات التي صنع منها الحاضر فارقا كبيرا. نعم، ثمة فارق لا ينكره العالم. إنه الفارق الذي جعل من هذه البلاد وجودا ثريا له ثقله النوعي في الأوساط الدولية. بهذه الكلمات البسيطة في معانيها، والمؤثرة والقوية في مضامنيها تحدث سمو نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله عن اليوم الوطني الثاني والثمانين. هذه هي المملكة.. تحكي قصة الكفاح والتنمية والنجاح في يوم الوطن العزيز علي قلوب الجميع.. وهؤلاء رجالها الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، ومعهم ستمضي المملكة بقيادة حكيم الامة خادم الحرمين الشريفين الى الامام بخطى واثقة، نحو تنمية الوطن ورفاهية المواطن، وتحقيق الامن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم. من طبائع الحكمة، والحنكة، الانتقال من الأجداد إلى الأحفاد، إنها لا تختلف كثيرا عن الميراث، بل هي أعظم ثروة يمكن للمرء أن يعيش سعيدا وحصيفا في ظلها.. هذا ليس سردا تجريديا، وإنما توصيف لحالة واقعية عاشتها المملكة منذ تأسيسها.. ف«المؤسس» عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود و«الملك» عبدالله بن عبدالعزيز.. و«الحفيد» عبدالعزيز بن عبدالله.. والخط الناظم لهذه التراتبية هي الحكمة السياسية وحسن التدبير والتفكير والدبلوماسية الهادئة احيانا والصامتة في احيان اخرى. لا يمكن الحديث عن نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله بن عبدالعزيز بمعزل عن هذه المعطيات السابقة، فهي جزء من مكونه الشخصي، فهو حفيد ملك مؤسس ونجل ملك صالح.. نهل من بيت الحكمة المؤسسة والقائدة للمملكة نحو الافاق العالمية. حتى الأضواء لا تبدو ساطعة حين تتوجه إلى نائب وزير الخارجية الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، لكنها في الوقت ذاته تبقى متألقة وجاذبة، كيف لا وهو صاحب الصوت الهادئ والمؤثر والرزين، إذ لا تفوت مناسبة دولية على الأمير عبدالعزيز حتى يترك انطباعا مؤثرا لما له من تأثير ورؤية سياسية ثاقبة، فعبدالعزيز هو نجل الملك عبدالله، الشخصية السياسية المخضرمة عالميا، ونهل من مدرسة بيت الحكمة. لقد أثبت الأمير عبدالعزيز بن عبدالله حضورا مميزا في الآونة الأخيرة، وبدا لكل من يراقب أنه شخصية العمل الصامت والدبلوماسية المتأنية في إدارة الازمات والجريئة في تهيئة القرار، لمؤسسة صناعة القرار وبدا ذلك واضحا خلال مؤتمر أصدقاء الشعب السوري في باريس في يوليو الماضي حين حدد رؤية المملكة للأزمة السورية بكل وضوح والتي ارتكزت على 3 نقاط: النقطة الأولى؛ أن مثل هذه الاجتماعات لا تقلق نظام الأسد وتتيح له مزيدا من الوقت للمضي في حربه ضد شعبه. والنقطة الثانية؛ أن نظام الأسد لن يمتثل في كل الأحوال إلى أية عملية تفضي إلى حل سياسي طالما أن لديه قناعة بحسم الموقف أمنيا، في ظل واقع يضمن له الدعم الدبلوماسي والسياسي وبالسلاح من قبل دولة عظمى. والنقطة الثالثة والأخيرة التي وصفت الوضع السوري؛ قوله إن الوضع في سورية قد دخل مرحلة جديدة توحي بقرب انهيار النظام برمته نتيجة تزايد أعداد المنشقين. هذه النقاط الثلاث عبر عنها نائب وزير الخارجية بكل حصافة وحسن تدبير، ووضع المجتمعين آنذاك أمام مسؤولياتهم بكل هدوء ودبلوماسية ثاقبة. إن الأمير عبدالعزيز شخصية دبلوماسية من الطراز الرفيع.. يعمل بصمت.. قليل الكلام.. اذا تحدث اختصر.. واذا تكلم كانت كلماته عميقة المعاني.. بعيد عن الأضواء الإعلامية.. يعي وبثقة حجم مهمته الدبلوماسية الصامتة في دولة استراتيجية، وذات وزن دولي وإقليمي وعربي كالمملكة.. يعرف طبيعة المتغيرات والتحولات الدولية، ويتعامل معها بفكر سياسي أصيل ومتوازن، يعكس خبرة الملوك حيث تشرب ونهل من مدرسة حكيم الأمة خادم الحرمين الشريفين في السياسة، والحنكة، ومن ديناميكية وزارة الخارجية حيث النهج الدبلوماسي الهادف والمؤثر والداعم للحقوق العربية وقضايا الأمة. ومنذ أكثر من عام حين تولى الأمير عبدالعزيز مهمته كنائب لوزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، وضع نصب عينيه قيما عدة منها تحمل المسؤولية السياسية الموكلة إليه، وخدمة دينه ووطنه ومليكه، والسعي بفاعلية لتمثيل السياسة السعودية خير تمثيل. ليس هذا فحسب، بل كشف عن طبيعته الشخصية في الحوار ومعالجة القضايا، إذ بدت سعة الصدر والقدرة على الحوار أكثر بروزا في شخصه حين قال إن «رحابة صدري تتسع لكل رأي. فلا خير في من يعتد برأيه ويهمش الآخر». ومن هذا المنطلق شرع الأمير عبدالعزيز في بلورة السياسة الخارجية بدعم وتوجيه سمو الأمير سعود الفيصل الذي رشحه لهذا المنصب، ووفق توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لإبراز مفاصل السياسة السعودية الداعمة للحقوق العربية المشروعة، وقضايا الأمة في المحافل الإقليمية والعالمية في هذا العالم. إن الفكر الذي يحمله الأمير عبدالعزيز بن عبدالله، هو قمة التوازن بين روح العمل الدبلوماسي الصامت، والشغف الثقافي المعرفي الذي طالما تعلمه من حكيم الأمة الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ولا ننسى بالطبع الجانب الثقافي العميق في شخصية الأمير عبدالعزيز، ولعل المتتبع لأحاديثه ورعايته لجوائز الترجمة العالمية يدرك أن هذا الشخص يجمع السياسة والفكر معا بل ويوظف كل منهما للآخر ليشكل نموذجا جديدا في التفكير يعتمد على الهدوء في الطرح وقوة الفكرة. فاهتماماته الثقافية تعكس في الوقت ذاته حرصه على التنوع الثقافي والإنساني والحياتي المعرفي. فاهتمامه بجائزة خادم الحرمين العالمية للترجمة باعتباره رئيسا لمجلس أمناء الجائزة يثبت تنوعه وعمقه الثقافي خصوصا أن الجائزة حققت نجاحات كبيرة، وأصبحت في مصاف الجوائز العالمية، وأبرزت الحاجة الحقيقية لتفعيل آليات التواصل المعرفي بين الدول والشعوب. ربما لا تسعفنا الكلمات في بعض الأحيان لإعطاء هذه الشخصية حقها، لكنه وفي كل الأحوال من طبيعته لا يحب الوهج الإعلامي ولا يسعى إليه، بل إن الجانب السياسي العملي وخدمة وطنه دائما هاجسه المتواصل في كل الأحوال والظروف. وبالطبع لم يكن اختيار الأمير عبدالعزيز بن عبدالله نائبا لوزير الخارجية، إلا من خلال رؤية ثاقبة من شخصية حكيمة وهي خادم الحرمين الشريفين، الذي لا يتخذ قرارا إلا ويعرف تماما ما هي أبعاده. وفي ظل الاضطرابات السياسية والثقافية التي يعيشها العالم وخصوص المنطقة الإسلامية والعربية، فإن الحاجة إلى دبلوماسي هادئ ومتوازن باتت حاجة ملحة وثابتة. إن هذا الصخب المحيط بالشرق الأوسط يحتاج إلى رد معاكس ينزع الصخب إلى حالة من الهدوء، بغية التعامل بحذاقة وإيجابية مجدية تؤتي ثمارها.. إنه عبدالعزيز بن عبدالله الامير الصامت، القادر على التعامل مع هذا الزمن الصاخب. هذه هي المملكة.. مصنع للرجال الاكفاء.. والداعمة لأمن واستقرار العالم.