جاء في موسوعة (ويكيبيديا) العالمية أن سوق عكاظ بالطائف كان أكبر وأشهر منبر ثقافي واقتصادي سنوي في تاريخ العرب.. حيث كان ذا قيمة ثقافية وتاريخية كبيرة.. كان مؤتمرا عالميا وحدثا تاريخيا.. بدأ في العصر الجاهلي واستمر حتى أواخر العهد الأموي وبالتحديد في العام 129ه .. أي إن السوق استمر في عهد النبوة وصدر الإسلام وعصر بني أمية.. بمعنى أنه تواصل في العصر الإسلامي نحو 129 سنة. كان السوق يحفل بنشاطات تجارية .. حيث تفد إليه قوافل التجار من الشام واليمن وفارس ومصر والحبشة .. وغيرها. وكان يعد ملتقى ثقافيا يتبارى فيه أبرز الشعراء وتلقى فيه أجمل القصائد .. يقول (فيليب حتي) : «لم يكن للشاعر العربي من مجد أعلى من الفوز في مسابقة الشعر التي تقام في سوق عكاظ». شهد السوق إبداعات العديد من عظماء الشعر العربي.. وفيه دبجت المعلقات السبع التاريخية الشهيرة.. وفيه تعرض حوليات الشعراء على النقاد في احتفالية سنوية. كما كان سوق عكاظ منبرا خطابيا يتبارى فيه الخطباء.. بمقاييس حكام أفذاذ في الخطابة مثل خطيب العرب (قس بن ساعدة). وبرعاية واهتمام من خادم الحرمين الشريفين .. وبحس حضاري عريض .. أعاد لنا مثقفنا الكبير الأمير خالد الفيصل سوق عكاظ بوجهه المشرق وتاريخه العريق .. عاد لنا سوق عكاظ بعد توقف استمر نحو 1300 عام .. أعاد الأمير خالد إحياء سوق عكاظ الحضاري التاريخي انطلاقا من اهتمام خادم الحرمين الشريفين بكل ما من شأنه تطوير الحركة الثقافية والأدبية والارتقاء بها .. بما يعود بالنفع على الوطن والإنسان في هذه الأرض الطيبة .. وسوف يسجل التاريخ بمداد من ذهب هذه الإعادة الحضارية. إن في إعادة إحياء السوق استلهاما للماضي المجيد ومحافظة لتراثنا التليد.. لتعيش من خلاله أجيالنا المعاصرة والقادمة عبق التاريخ العريق.. ونستقرئ من خلاله أمجاد العرب وتراثهم الأصيل. وإعادة إحياء السوق تعد إنجازا حضاريا يحسب لهذه البلاد وقيادتها .. حيث يدل على وعي بأهمية التراث واهتمام بالتاريخ والثقافة وحفظ لآثار الأجداد. وللحق فإن إعادة إحياء السوق كمعلم حضاري تاريخي يعد في حد ذاته إنجازا. وعندما يكون بهذا الزخم والمستوى والاتساع بشمول المشاركة العربية المميزة فإنه يكون إنجازا حضاريا مميزا. إن تنظيمنا لهذا الفعل الثقافي.. إنما يعكس عمق الوعي الحضاري الذي تتمتع به هذه الدولة قيادة وشعبا.. في ذات الوقت الذي يسهم فيه في تطور فكرنا وثقافتنا ودورنا الأممي في المشهد الفكري العربي وربما العالمي مستقبلا بإذن الله تعالى.. فهو احتفالية بعقلنا الثقافي.. وهو تكريم لتاريخنا وحضارتنا. وبفكر مبدع أضاف الأمير خالد الفيصل إضافة نوعية مميزة في سوق عكاظ هذا العام حين نظم السوق ندوة نقاش رائعة في حوار أروع شارك فيه سموه وسمو الأميرين سلطان بن سلمان ونواف بن فيصل ووزيرا التعليم العالي والإعلام ونائب وزير التربية والتعليم.. في حوار كان عنوانه: «ماذا يريد منا الشباب وماذا نريد من الشباب» .. حيث كان في الجانب الآخر مجموعة من الشباب من مختلف مناطق المملكة. الحوار الذي كنا نحتاجه كثيرا أضاء الكثير من الآفاق الضبابية لدى شبابنا ولفت الانتباه إلى جوانب يتوجب التنبه لها.. وفي ذات الوقت استمع المسؤولون بشكل مباشر إلى رؤى الطلاب وتطلعاتهم في محفل عام ومشاركة واسعة. الحوار يعكس اهتماما من السوق بشباب الوطن عماد مستقبل الأمة.. ويفتح اعتبارا من هذا العام قناة جديدة للحوار بينهم وبين مسؤولي الدولة الذين ترتبط حياة الشباب بأعمال وزاراتهم بشكل مباشر.. الأمير خالد الفيصل بدأ الحوار بكلمة ضافية جميلة قال فيها جملة بليغة: " ماذا نريد من الشباب.. لا نريد منه شيئا بل نريد له كل شيء». إجمالا أقول إن سوق عكاظ هذا العام كان مشرقا بحسن تنظيمه وفعالياته ومناشطه.. أثرى الفكر والعلم وجسد الإبداع السعودي.