ينمو الطلب على الكهرباء والمياه المحلاة في المملكة بمعدلات مرتفعة جدا نتيجة للنمو السكاني المرتفع والأسعار المدعومة للمياه والكهرباء، وبالتالي يتزايد الطلب المحلي على الموارد النفطية لاستخدامها في توليد الكهرباء وتحلية المياه. ومن هنا كان من المنطقي الاتجاه إلى خيارات بديلة لتوليد الكهرباء وإنتاج المياه المحلاة ومن أبرزها البدء باستخدام الطاقة النووية لإنشاء مفاعلات نووية لتحلية مياه البحر ولتوليد الطاقة الكهربائية. إلا أن معظم شعوب العالم تنظر دائما بشكل عاطفي نحو أي خيار نووي، فتكونت مشاعر يشوبها الالتباس والحيرة وعناصر عدم التأكد فيتحمس البعض ويجزم بصحة وسلامة الخيار، بينما يشكك أو حتى يتحامل البعض الآخر ويعارضها بإجحاف بسبب الكوارث التي شهدها العالم مثل اليابان. وبقليل من الإنصاف يمكن إعادة صياغة المشاعر والأفكار إذا تأكدت الاستفادة من نتائج هذه الحوادث لتحسين التقنيات النووية التي تعتمد معايير أمنية عالية ضد المخاطر. فإذا سلمنا بأن الطاقة النووية آمنة تقنيا سيسهل إنصاف الطاقة النووية من خلال الأسباب الأخرى التي تدعم تحلية مياه البحر وتوليد الطاقة الكهربائية عن طريق المحطات النووية. ومن أبرز هذه الأسباب أن الطاقة النووية تجنب العالم انبعاثات غازات الكربون، حيث أن الطاقة النووية المستخدمة حاليا تتفادى إطلاق كربون معادل لكل ما تطلقه السيارات في أوروبا. كما تنظر عدة دول للطاقة النووية باعتبارها أهم مصدر لتحقيق أمن الطاقة مثل اليابانوفرنسا باعتبار أن فرنسا تنتج من الطاقة النووية سنويا ما يعادل كل إنتاج الكويت من النفط، أي أن إنتاجها النووي جنبها استيراد ما يعادل هذه الكمية. ولا يعتبر الخيار النووي مقصورا على الدول المتقدمة أو الغنية، حيث إنه وبالرغم من ارتفاع تكاليف إنشاء محطات الطاقة النووية إلا أن تكاليف شراء اليورانيوم تمثل نسبة ضئيلة جدا، حتى أن دولا مثل الهند والصين والبرازيل والمكسيك اتجهت إلى الخيار النووي خلال الفترات التي كانوا فيها من الدول محدودة الدخل وذات ناتج إجمالي محلي منخفض. ومن جهة أخرى، ستظل هناك تساؤلات تتطلب إجابات لا يمكن أن تكون قطعية خاصة بشأن قضايا الانتشار النووي نتيجة السيطرة على تقنية التخصيب وقضايا الأمان والتأثيرات البيئية وضمانها خلال التصميم والتشغيل، وأخيرا وليس آخرا إدارة النفايات وتكهين المحطات بصورة آمنة. ومع ذلك لا يجوز اعتبار هذه التساؤلات عقبات تعوق التحول الضروري إلى إنتاج طاقة مستدامة، فتوجه المملكة نحو توليد الطاقة النووية والمتجددة لن يزيد العوائد النفطية من خلال توفير الكميات المستخدمة في إنتاج الطاقة بالطرق التقليدية فحسب بل أيضا سيقلص تكاليف تحلية المياة وتوليد الكهرباء. [email protected]