مهمة الأخضر الإبراهيمي لا تحمل الكثير من الأمل في تحقيق النجاح، نظرا للحرب الدموية الدائرة في سورية، خاصة وأن النظام الأسدي مصر على القتل حتى آخر فرد من شعبه، يقابله إصرار الشعب على النضال من أجل إسقاط النظام القاتل. الإبراهيمي سيتوجه خلال أيام إلى دمشق في زيارة هي الأولى منذ تقلده مهامه الجديدة .. فماذا سيقول الإبراهيمي للأسد (الابن)، خاصة أن الإبراهيمي له تجربة مماثلة مع الأسد (الأب). مهمة الأخضر الإبراهيمي مهمة كلاسيكية بمعنى ما تقوم به المنظمات الدولية والإقليمية وفرص النجاح معدومة لسبب بسيط، وهو أن النظام في سورية أعلن الحرب الكاملة على سورية شعبا ومدنا وبنية تحتية وحتى ككيان. فعندما نسمع اليوم أن ثمة سعيا من قبل النظام في المنطقة الشمالية من سورية لفتح ممر لمقاتلين أكراد لتنظيف محيط الكيان العلوي، فكل هذا يعني أنه أعلن الحرب على سورية وبالتالي لا يوجد حل سياسي مع نظام من هذا النوع وأمام قرار التقسيم الذي يعمل على تنفيذه. الأخضر الإبراهيمي سيكون في دمشق قريبا وسيحاول إعادة طرح للحل السياسي المتمثل بالحوار بين النظام والمعارضة من نوع وقف قصف المدن بالطائرات إلى غيره من الكلام. كل ذلك يدرك المبعوث العربي والدولي الإبراهيمي أنه شبه مستحيل، إنما يحاول كدبلوماسي عريق أن يكون على صلة بحل الأزمة في سورية، فهذا مغر من الناحية المهنية له، إنما من المؤكد أنه لا يمتلك أية فرصة من فرص النجاح وهو مقتنع بعدم وجود أي حد أدنى لفرص النجاح واعترف صراحة أن مهمته شبه مستحيلة. الأسد (الابن) لا يرى إلا شيئا واحدا كما يقول المثل الإنكليزي (من يحمل المطرقة لا يرى إلا المسامير)، والأسد يحمل المطرقة على الشعب السوري، إلا أن هناك مسامير في سورية عليه أن ينهال عليها بضربات قاضية لا أكثر ولا أقل، اتخد خياره وهو خيار واضح شفاف لا لبس فيه. لقد آن الأوان أن تسقط كل الأوهام التي يختبئ خلفها المجتمع الدولي ومنها أن بشار الأسد سيستيقظ ضميره في يوم ما، فكل ما يقوم به هو عكس هذا التصور وعكس هذا الأمل وبالتالي علينا إسقاط هذه الأوهام وبالتالي التعاطي مع بشار الأسد كما يقدم الأسد نفسه ويقول ببساطة (أنا أمتلك قدرة على القتل وسأظل أقتل وأقتل وأقتل إلى أن يستسلم الشعب السوري)، من جهته، فإن الشعب السوري يقول (أنا أمتلك طاقة هائلة على الحياة وكلما قتلنا بشار كلما تمسكنا بالحياة) هذه هي المعادلة أي كلام آخر أي تصريحات سياسية أخرى هي كلام يراد به تغطية العجز عن التحرك من أجل إنقاذ الشعب السوري. السؤال الذي يجب أن يطرح ماذا لو فشل الإبراهيمي في مهمته، إذن فالأمور تتجه إلى الأسوأ، وسورية مرشحة إلى المزيد من الدموية وإلى المزيد من الاقتتال والمزيد من الانهيار على مستوى الدولة ومستوى المجتمع، فالصراع سيطول والقتل مستمر، هذا ما يرى في سورية في الأشهر القليلة المقبلة أنها معركة حياة أو موت بالنسبة للنظام كذلك بالنسبة للشعب السوري وكذلك بالنسبة للدول الكبرى. وأتساءل أخيرا ماذا سيقول الإبراهيمي للأسد الابن بعدما سمع الكثير من (الأسد الأب) .. ما أشبه الليلة بالبارحة.