الأمم العظيمة هي التي تؤمن بالحوار والتسامح والأنسنة والتعايش السلمي وبناء جسور التواصل مع الشعوب والمجتمعات الإنسانية. فالتفاهم والحوار بين الحضارات والثقافات حاجة إنسانية تقتضيها الحياة الطبيعية ونواميس الكون، كما تتطلبها الظروف والتحولات والمتغيرات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم.. وذلك ما يقتضي البحث عن القواسم المشتركة التي تجمع البشرية ولا تفرقها.. ومد جسور الصداقة والتعاون والتفاهم بين الأمم والشعوب.. بغض النظر عن اختلاف الجنس أو اللون أو اللغة في ظل الاحترام المتبادل والتعايش السلمي.. وإشاعة القيم الإنسانية النبيلة بالتسامح والحوار من أجل عالم يسوده العدل والمساواة والحرية والكرامة والأمن والسلام. والمؤسف أن نسمع بين الحين والآخر أصواتا نشازا.. تدعو إلى صدام الحضارات والحروب الدينية.. حيث سارع دعاة الشر والجريمة إلى إذكاء الفتنة واستدعائها من أضابير التاريخ، وإثارة الأحقاد وتشويه صورة الإسلام. وقد فطن دعاة الإنسانية إلى تطويق ذيول هذا الخطر المحدق مؤكدين على أن الحكمة والعقل والحل يكمن في دعم التسامح والحوار لسد الطرق على كل من يسعى في الأرض فسادا ليؤجج نيران الحروب والصراعات بين الأمم والحضارات. وتأتي دعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار العالمي للتدليل على أهمية التعايش السلمي والتعاون والتفاهم بأسلوب حضاري مبني على الاحترام المتبادل بين الأمم وهي دعوة مستمدة من القيم الإنسانية للدين الإسلامي الحنيف. كما تأتي ردا واضحا على الأصوات القائلة إن المسلمين لم يقدموا للإنسانية أي منجز حضاري في أي حقل من حقول الإنسانية والمعرفة والإبداع.. وإننا نعيش وننعم بما تنتجه عقول الغرب الأدنى والشرق الأقصى من علوم وصناعة واقتصاد. المملكة بدأت الخطوة الأولى في الاتجاه الصحيح لإبراز الجوانب المشرقة لرسالتنا السامية للعالم والمطلوب هو الاستمرار في هذا الطريق لتحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة والعمل على تفعيل إعلان مدريد والتوصيات الصادرة عن المؤتمر، وبذلك نكون قد خطونا الخطوة الثانية نحو أنسنة جانب مهم من الحضارة العالمية. هذه هي رسالة الإسلام دين المحبة والتآخي والتعايش والتسامح والحوار والسلام. * مستشار للتنمية الإنسانية.