رغم اعتماد المشاريع الصحية الضخمة، المتمثلة في المستشفيات والمراكز التخصصية، ورصد المليارات لتنفيذها، إلا أن كثيرا من مراكز الرعاية الصحية الأولية في بعض مناطق ومحافظات وقرى المملكة لا زالت تعاني من نقص واضح في التجهيزات والمعدات الطبية، وعجز في الكوادر الطبية والفنية، إضافة إلى تواضع المباني المستأجرة المستخدمة كمقار لهذه المراكز. ويطالب السكان المستفيدون من خدمات مراكز الرعاية الصحية بضرورة العمل على تلافي أوجه القصور، وتطوير أداء العاملين فيها، ودعمها بالكفاءات القادرة على النهوض بالرعاية الأولية باعتبارها خط الدفاع الأول للخدمات الصحية. وأشاروا إلى أن بعض المباني تقف عائقا أمام أي خطوات تطوير، لأنها أصبحت متهالكة ولم تعد عمليات الترميم تعطي النتائج المأمولة، منادين بنقل المراكز إلى مقار مهيأة لتقديم الخدمات الصحية المتقدمة. نقص الأطباء في القصيم أوضح عدد من مراجعي المراكز الصحية، أن نقصا يشوب خدماتها يحتاج إلى معالجة عاجلة، وركزوا مطالبهم على دعمها بالكوادر الطبية والفنية، خاصة وأن معظم هذه المراكز لا يوجد فيها إلا عيادة للطبيب العام، الأمر الذي يتطلب افتتاح عيادات لرعاية مرضى السكر والضغط، وأخرى للأسنان والنساء والولادة. وقال إبراهيم الناصر، إن اللافت هو النقص الواضح في الأدوية، فيضطر المراجع إلى الذهاب للمستشفيات للحصول على الدواء أو شرائه من الصيدليات الخاصة. من جهته قال فهد الفهاد، إن الكوادر التمريضية والطبية المساندة التي تعمل في مراكز الرعاية الصحية غير مدربة وغير مؤهلة، وتفتقر إلى أبسط مقومات الخدمات الطبية التي ننشدها. وعلق محمد الدباسي مدير العلاقات العامة والإعلام والمتحدث الرسمي في المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة القصيم قائلا: إن المنطقة تحتضن 170 مركزا للرعاية الصحية الأولية، وأن العاملين فيها يلتحقون بدورات تدريبية طبية وفنية وإدارية على أعلى المستويات، مشيرا إلى أن المديرية تنفذ خطة خاصة وفق مراحل زمنية لنقل كافة المراكز إلى مبان حكومية ونموذجية تتوفر فيها جميع الخدمات. وبين أن توفر التخصصات والعيادات تخضع لتصنيف فئات المراكز الذي يعتمد على الحاجة الفعلية وكثافة المراجعين، كمعيار اعتمدته وزارة الصحة. ضعف الإمكانيات وفي منطقة حائل تعاني مراكز للرعاية الصحية الأولية في المدينة والمحافظات والقرى من قلة الإمكانيات، وغياب التخصصات وتحولها لمراكز كشف وتشخيص بدون تقديم أي خدمات علاجية تذكر، فهجرها المراجعون واتجهوا لمستوصفات القطاع الخاص التي استفادت من الضعف العام الذي تعاني منه هذه المراكز الصحية في ظل غياب الكوادر الطبية ونقص الإمكانات. وأجمع المواطنون على المطالبة بتسليم هذه المراكز لشركات مشغلة ومتخصصة في هذا المجال لتخفيف عملية الضغط الكبير على المستشفيات، وفتح أقسام للكلى مزودة بأجهزة الغسيل مع أطباء في كل حي بدلا من تكبد المرضى مشقة السفر المستمرة نحو المستشفيات. وقال فهد الشمري، إن المرضى لا يراجعون مراكز الرعاية الصحية الأولية في القرى لأن خدماتها متواضعة حتى لو كانوا بأمس الحاجة إليها، مبينا أن السبب يكمن في غياب الحد الأدنى من وسائل الرعاية، وعدم التعامل الجيد مع الحالات الطارئة، وتعطل سيارات الإسعاف بصفة شبه دائمة. وأوضح الشمري أن هذه الأسباب مجتمعة تدفع مواطني القرى وغيرها من البلدات الحائلية للتوجه إلى مدينة حائل بحثا عن العلاج، لأن التجارب المتكررة على حد قولهم علمتهم أن مراكز الرعاية عاجزة عن تقديم الرعاية لهم، أو على أقل تقدير نقلهم إلى مستشفيات المدينة بسيارات الإسعاف خوفا من تعطلها في الطريق. من جانبه قال سعد ناصر، إن معاناة سكان قلب مدينة حائل لا تختلف عن معاناة سكان القرى الطرفية، مطالبا وزارة الصحة بالتحرك العاجل لإصلاح الخلل في المراكز الصحية المتهالكة، وحل مشكلة المواعيد التي أصبحت ظاهرة تؤرق المرضى والمراجعين. معاناة مستمرة وفي محافظة ينبع يشكل غياب الكوادر الطبية والفنية في مراكز الرعاية الصحية الأولية في القرى والمناطق البعيدة عن المحافظة معاناة حقيقية وخطرا يدفع ثمنه المرضى وسكان تلك القرى، وتعتبر مراكز الفقعلي والمربع ورضوى نموذجا للمراكز الصحية التي لازالت تعاني من نقص الخدمات والكوادر الطبية لتضاعف معاناة المرضى. وأشار عدد من سكان القرى إلى أن المراكز الصحية تشكل معاناة حقيقية للسكان وسالكي الطريق الذين يتعرضون للحوادث المرورية ويصعب نقلهم للمستشفيات لعدم وجود مراكز على الطريق عدا مستشفى العيص والذي يبعد مسافات طويلة ويفتقد للخدمات الضرورية، ناهيك عن بعض المباني المتهالكة والمغطاة بالزنك والطوب القديم. وأكد مدير العلاقات العامة والإعلام في صحة المدينةالمنورة عبدالرزاق حافظ أن مراكز الرعاية الصحية الأولية داخل وخارج المدينة تعاني من نقص في فنيي المختبر، أما التمريض الرجالي فيتركز العجز خارج المدينة إلى درجة عدم وجود تمريض رجال ببعض المراكز الصحية الخارجية، مشيرا إلى أنه تم التغلب على هذه المشكلة مؤقتا بتكليف عدد من الممرضات بتلك المراكز التي تخلو من عنصر التمريض الرجالي لتغطية العمل بكافة الأقسام. مبينا أن مركز صحي الفقعلي يخدم 11 قرية. وأوضح المستفيدون من خدمات مركز صحي رضوى، أنه يعاني من نقص حاد في التخصصات والخدمات، رغم أن مقره حديث، وأن حال مركز صحي المربع والمرمية لا يختلف عن المراكز الأخرى فلا زالت بحاجة إلى مختبرات وعيادات للأسنان، لتخفيف العبء على المستفيدين الذين يقطعون مسافات طويلة بحثا عن العلاج. مبانٍ متهالكة وفي صبيا بمنطقة جازان يتخوف السكان والمراجعون لمركز الرعاية الأولية بقرية أبو القعائد من التشققات والتصدعات في المبنى والتي أصبحت علامات يستدل بها بالإضافة لصغر حجم المبنى المستأجر منذ عشرات السنين لتبدو واجهة المبنى ليلا وكأنه بيت أشباح لعدم وجود إضاءة. ولم يتوقف ضرر هذا المركز على المستفيدين من خدماته والمراجعين بحثا عن علاج وإنما امتد إلى خارج المبنى من خلال تسرب مياه خزان المركز العلوي إلى الطريق المحاذي للمبنى، يضاف لذلك النفايات المتراكمة أمام بوابة المركز لتعطي عنوانا عن مدى الإهمال واللا مبالاة، خاصة وأن المركز يستقبل عددا كبيرا من سكان القرى المجاورة وهي: العطن، أم القضب، أم سعد، والخضراء وبعض سكان قرية السواحنة وقرية المحلة الجديدة، بالإضافة لسكان قرية أبو القعائد والذي يبلغ عددهم حوالى خمسة آلاف نسمة يقوم بخدمتهم طبيب عام واحد وطاقم تمريض بسيط قد لا تتوفر لديه أكثر وسائل العلاج. وأوضحت المديرية العامة للشؤون الصحية بمنطقة جازان في وقت سابق على لسان متحدثها الرسمي، أن مركز الرعاية الأولية بقرية أبو القعائد سبق وأن أعلن عن طلب استئجار مبنى بديل للحالي إلا أن عدم توفر المباني وعدم التقدم كان عائقا. وبين المتحدث أن العمل ما زال قائما من قبل المقاول لبناء وتجهيز مركز الرعاية الأولية الجديد. وقال «أما بالنسبة للخدمات الصحية في المركز فهي تحت متابعة القطاع وسوف تتخذ الإجراءات اللازمة لتطويرها».