الصمت والكلام هما وجهان لعملة واحدة أو بمعنى آخر هما دورة الحياة للتعبير الإنسانى. وبين هاتين المرحلتين تكون هناك عدة مراحل مثل التفكير، التأمل، المشاعر، الهدف... إلخ.. ولكن نهاية كل هذه المراحل إما الكلام أو التزام الصمت وكلاهما نعمة ومهارة ينعم الله بها على من يشاء من عباده، فتجد من هو بليغ الكلام عذب التعبير ولكل عبارة هدف تعبر عنه وحديثه متناسق القوام وأسلوبه أخاذ وهؤلاء قلة. وعكس ذلك الثرثار الذي ينطلق لسانه بكلام يحمل بين طياته الملل وهؤلاء كثيرون ومتواجدون ليل نهار على شاشات القنوات الفضائية العربية، ولا أحد منهم يفكر في استخدام نعمة الصمت عندما يتطلب الأمر. فعندما يوضع الصمت في مكانه يكون أبلغ من الكلام ورسالته تكون أقوى تأثيرا من العبارات الجوفاء. فالصمت نعمة لا نجيد استخدامها في عصر المشادات الكلامية والمهاترات الإعلامية الذي نعيشه الآن. إن الصمت نصف المعرفة. وهو قاعدة انطلاق الكلام، كما يخيل إلي. ولعل من الذين تحدثوا عن ثنائية الصمت والكلام أبو العلاء المعري الذي يقول: « إذا قلت المحال رفعت صوتي ، وإن قلت اليقين أطلت همسي» وكذلك وليم هنريت الذي يقول: «الصمت فن عظيم من فنون الكلام» .. وقبل كل هؤلاء يقول الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».