كل شيء قابل للقياس يكون قابلاً للضبط»، قول مأثور في عالم الإدارة والأعمال، يضاف إليه: «وإذا لم يكن قابلاً للضبط فهو بلا معنى». الكلام قابل للضبط وإلاّ صار بلا معنى، فهل هو قابل للقياس؟ السائد عن الكلام أن قلّته لصيقة بالرجال وكثرته بالنساء. وأحياناً، تكون قلته مثل كثرته، على القول الشعبي «الزائد أخو الناقص»، فالكلام يفقد معناه، أحياناً، أكان صمتاً أم إفراطاً في إطلاق الكلمات. وبمقدار ما يكون الصمت وقلة الكلام (ميزتا الرجال) معبّرين ببلاغة، فإنهما يشيان بالوحشة، أو الجبن أو نفاد الأفكار أو شح المعاني أو ابيضاض المخيّلة. والكلام يفعل أحياناً فعل المهدّئ المهَدْهِد، كلما كثر، وبخاصة همساً، ارتخت أعصاب السامع واستسلم لإغفاءة هانئة على إيقاع حديث النسوة. وقد تتحول الإغفاءة القصيرة سُباتاً عميقاً، إذا كان الغافي يستمع إلى خطاب سياسي طويل، مثلما كان يفعل الزعيم الكوبي فيديل كاسترو. بعض خطاباته، وإن كانت حماسية، كانت تستغرق نحو 5 ساعات (ويروى أن أطولها كان 7 ساعات). ويبدو أن مفعوله كان ثقيلاً على الجماهير. ويروى أن في نهاية أحد الخطابات أطلق كاسترو شعاراً يحض به الناس على الفَلاح والعمل بدل الرقص. ويقول الشعار «سامبا لا عمل أيوه». وما إن أطلقه كاسترو حتى انتفضت جماهيره (التي كانت نعسة على ما يبدو) مرددة الشعار ذاته، ولكنْ... على إيقاع السامبا! مراجع كثيرة ظهرت في السنوات الأخيرة، تتحدث عن النساء يتكلمن ما معدله 20 ألف كلمة في اليوم، في مقابل 7 آلاف فقط للرجال. وهذا ورد في كتاب «عقل الأنثى»، وهو نتاج جديد للوان بريزنداين، أستاذة علم النفس العيادي في جامعة كاليفورنيا، في سان فرانسيسكو. ومن المراجع ما يقلّص الفارق وأخرى تساوي قابلية الجنسين على كثرة الكلام. وثمة كتب ومقالات أسهبت في وصف استخدام مفردات كثيرة للتعبير عن شيء أو أمر واحد، مثل شعوب الأسكيمو وهنود شمال أميركا الذين يطلقون على الثلج نحو 70 اسماً. وفي نواح أخرى تنظّم مسابقات لأسرع متكلّم. وتبيّن أن الأميركي ستيف وودمور استطاع تسجيل 637 كلمة في الدقيقة، أي أكثر من 10.25 كلمة في الثانية. وأسرع الإناث، الأميركية فران كابو، من نيويورك، التي سجلت 603.32 كلمة خلال 54.2 ثانية، أي 11.13 كلمة في الثانية، متفوقة على مواطنها «الثرثار». أحياناً، يكون الكلام حاجة ورغبة إذا لم يلبهما المرء ينفجر. وربما كان حرياً بتقديم موضوع الثرثرة أن يكون صامتاً! - مقيل القات فضاء ل «النميمة» (صنعاء - علي سالم) - الثرثرة وسيلة «تنفيس» للجنسين! (الخرطوم - سهير عبدالعزيز) - للجنس دور في تحديد عدد المفردات والقدرة على السمع والشم (دمشق - بيسان البني - الحوار ذاته مرتان