في خاصرة الجسد علق بعض القدامى خناجرهم تارة للتفاخر بالشجاعة وتارة للدفاع عن النفس وذلك حق مشروع لمن كانت ثقافته وموروثه كذلك، ومثل هذه الخناجر الظاهرة لا تمثل خطرا حقيقيا لأنها واضحة للعيان ويمكن أن تتعامل معها، أما الخناجر الخفية التي يمكن لها طعن الجسد دونما إحساس مباشر بالألم فهي أشد خطرا من الظاهرة لأنها خناجر مسمومة ذات وخز متتابع يترك جروحا غائرة في خاصرة الأوطان فيفتك بها ببطء إن تجاهلها أصحاب الشأن والسلطة، فخنجر الطائفية يزرع الفتن والشرور بين أبناء البلد الواحد وخنجر العنصرية يفوح برائحته المنتنة إن تداولته أيادي الجهلة ممن لا يأخذون من سماحة وعمق الدين إلا القشور وخنجر العصبية القبلية لا يورث إلا مغالاة وتناحرا وتنافرا بين الناس، وخنجر الجهل يعطل كل جديد مستحدث، وخنجر التنطع يضيق واسعا ويبجل الصغائر وينسي الأولويات، وخنجر السطوة الذكورية يقمع أي محاولات للمرأة في طريق إثبات وجودها والمطالبة بحقها في العمل ورد الجميل لوطنها، وخنجر الكبت والتضييق يولد انفجار الظواهر الشاذة بين الجنسين، والعديد العديد من الخناجر التي آن الأوان لترويضها بالعقل والحكمة والمنطق والحوار والإقناع بلا قمع، ولعلي أتفاءل دائما بجيل جديد يحمل الفكر والثقافة القابلة لنبذ كل ما يتعارض مع وحدة الأوطان فلم يعد لبعض الخناجر سطوة تخلخل أفكارهم وعقولهم فهو جيل العلم والانترنت والثقافة التي لا تقبل الإملاءات (الخنجرية).. بقي أن نقول بأن الفخر الحقيقي لأي مجتمع لا يكون إلا بتعاضده وتلاحمه وتوافقه مع السلطة فإن تحقق ذلك كان هذا المجتمع مثاليا بحق ويستحق أن يكون بحق مجتمع الحرمين الشريفين الذي يتخذ من الوسطية منهجا. [email protected]