لماذا يتجمع شبابنا بالمئات لمشاهدة «حادث»؟ لماذا يتحلقون حول «جثث» ضحايا «السرعة والتهور» ويقومون بتصويرها بأجهزة الجوال والكاميرات؟ ولماذا يحتشدون بالآلآف لمتابعة «تفحيط» سائقين «مجانين» يحملون «أرواحهم» على «عجلات مستديرة» ويعرضون أرواح مشاهديهم ومحبيهم للخطر؟ لماذا يصبح «المفحط» نجما وبطلا لدى من يتجمع لمشاهدته من الشباب الغض؟ ولماذا تتحول «الحوادث» ومباريات «التفحيط» لدينا نحن وحدنا دون غيرنا إلى «أفلام مثيرة» يستمتع بها من يتحلق حولها في متعه «شاذة» قد تصل بصاحبها إلى «المقبرة»؟ هل نحن حقا مجتمع يفتقر ل «المشاهدة» ويتوق لتذوق متعتها أيا كانت؟ وهل شبابنا يهرعون لأي نوع من أنواع «الفرجة» حتى لو كانت قاتلة مميتة؟ يراودني وغيري سؤال حائر: هل لغياب السينما والمسرح الحقيقي في بلادنا دور في هذا «التعطش» الكبير و«الفضول» للمشاهدة والفرجة؟ ربما.. ولكن احتمال ذلك قد يكون كبيرا. في أمريكا وأوروبا واليابان وأستراليا وحتى دبي وبيروت والدوحة يتجه الشباب المراهق في عطلة نهاية الأسبوع والإجازات لمشاهدة «الشاشة الكبيرة» بكل دهشتها وألقها الذي لا يقاوم، ينفثون عن طاقاتهم بمتابعة مشاهد «الأكشن» و«الرعب» و«المطاردات» التي ينفذها محترفون لا يلقون بأنفسهم للتهلكة عبر «تهور» غير محسوب العواقب مثل ما يفعله «أبطال» أكشن «التفحيط» في بلادنا. أما هنا فيحتار الشباب إلى أين يذهب في عطلة نهاية الأسبوع والإجازات والأعياد؟ ثم يضطر أن يقرر بعد أن بلغ به «الطفش» حدا لا يطاق أن يهيم في الشوارع بحثا عن «حادث» يقوم بتصويره أو «تفحيط» يمتعه بجنون، أو «قصة» حب كاذبة يعيشها. هو يبحث بلا شك عن أي «مشهد» يملأ به «فراغ» حياته التي يعيشها. وحتى يروي هذا «العطش» الموجود لدى شبابنا، سنظل نحن المجتمع الوحيد صاحب «الخصوصية» المتفرده الماثلة في تعطيل سيارات الإسعاف ومنعها من الوصول إلى مكان «الحادث» لأننا نتعطش للمشاهده التي نفتقدها ونحتاج وقتا لتأمل وتصوير «الجثث»، كما أننا «الوحيدون» الذين نتميز دون سائر العالم بمشاهدة كارنفالات «التفحيط» ومتابعة الرؤوس والأيادي والأقدام الحقيقية تتطاير في الهواء، ونحن دون غيرنا الذين نتابع حيا على الهواء مباشرة وعلى «اليوتيوب» رياضة «التزلج» على الإسفلت، والموت من أجل دقائق نشاهد بها أبطال يحملون لنا رائحة «الموت»..!. E mail: [email protected] Twitter: @hishamkaaki Facebook: Hisham Kaaki www.alehaidib.com