يطلق المبعوث الدولي والعربي الأخضر الإبراهيمي مهمته التي لا يحسد عليها في سورية وسط تحركين متوازيين لا يلتقيان إلا عندما تحبك المؤامرات والصفقات، أو ربما عليها إن كان المتآمرون وأصحاب التسويات لا يعيرون أصحاب القضية أمرا أو اهتماما. الإبراهيمي صاحب الخبرة الواسعة كمبعوث يبحث عن تسويات وصفقات توقف العنف على قاعدة «لا يقتل الذئب ولا تفنى الغنمات»، يسير وفي الأجواء تحرك أمريكي تركي تحت مسمى «غرفة الاتصالات بشأن سورية» وهدفه إيجاد منطقة عازلة محددة تبدأ من الحدود التركية السورية وتنتهي عند مشارف مدينة حماة. منطقة يرى فيها الكثيرون استنساخا لنموذج بنغازي في ليبيا، فيما البعض يتوجس منه ألا يكون ترسيخا لحرب أهلية طائفية اشتعلت منذ فترة رغم تجنب الكثيرين ذكرها. فيما المسار الثاني تقوده إيران عبر مؤتمر عدم الانحياز الذي ستستضيفه حيث أعلن المسؤولون فيها رغبة إيران واستعدادها لتقديم مبادرة لحل الأزمة السورية ملمحها الأولي هو إجراء انتخابات رئاسية مبكرة على أن يكون بشار الأسد أحد مرشحيها. ما بين المسارين يقبع الأخضر الإبراهيمي مترقبا فرصة الانقضاض على رأس طرف الخيط بين طائرات عسكرية لا تهدأ بالإغارة على الأحياء المدنية وبين معارضة ملت الصراخ، ومل منها الناس فأعلنت الهجرة المعاكسة إلى الداخل السوري على قاعدة الشعار الأول في الثورة السورية «ما لنا غيرك يا الله» وبين الحل الأمني والعسكري. بين المسارين يبدو الاستفهام مشروعا حول إمكانية نجاح القادم من الجزائر في إرساء حل لأزمة استعصت على من سبقه من مبعوثين وموفدين ودول حملوا المبادرات والرؤى والقبعات الزرقاء دون جدوى. إلا أن ما يطرح على الإبراهيمي من تساؤلات يفتح تساؤلا أكبر. وهو هل حان وقت حل الأزمة السورية؟ وهل يسعى العالم لحل هذه الأزمة؟ لا يبدو أن الوقت قد حان كما لا يبدو أن الرغبة الدولية موجودة. فالنظام الكل يجمع على أنه انتهى، ولا أمل في استمراره، والشعب الكل يجمع أيضا أنه متمسك في سورية الجديدة، وبالحصول على حريته، لكن ما لم ينته بعد، وقد تكون هناك أطراف ترغب في نهاية سورية أي نهاية الدولة السورية. فأطراف دولية تقول إن خسرت النظام فهي لا تريد توريث الدولة لأحد، فيما أطراف لطالما كان النظام السوري حارسا لأمنها تقول لا مصلحة لنا بعد سقوط النظام بسورية قوية، فيما الكل بات متأكدا أن هذا النظام قد تأثر بالمسلسل المكسيكي الشهير «أنا أو لا أحد» وبالتالي فإن هذه الأزمة السورية المستعصية لا حل لها قبل أن تتكوم الحجارة السورية في كافة المدن فوق بعضها، فالأسد ما زال في مهمة والمهمة الأخيرة هي هدم سورية. وحتى ينتهي منها فالقتل والذبح مستمر، والعالم أصابته الغيرة من حنظلة فأدار ظهره لما يحصل ولكن بين ظهر حنظلة وظهر العالم خط فاصل بين الحق والباطل.