الإعلام نافذة تجمهر عندها الناس ودليل نجاح لمن اختلف باختلاف سياسته وأهدافه، تميز كثير من الأشخاص والبرامج، ومن شواهد تلك الرسائل التي حلقت مرفرفة إلى عقل المشاهد رسالة «عبد الله المديفر» و«فهد السعوي» إلى الناس، قدما برامج جماهيرية اختارا فيها بذكاء الشخصيات التي احتلت مساحة من الجدل في المجتمع، وقاما بإعداد حلقات متنوعة، أسهبت في تفاصيل كثيرة، ومن الأمثلة الحية والحركات الفكرية والتعديلات التي ترجمت معاني التغيير وما انتابها من جدل ونزاع اجتماعي، ومحاولة جادة إلى الفهم الإنساني، وكيفية طرح المعاني الصريحة للمواضيع التي طالما أشغلت أذهان الناس، وقدما فيها مسائل ذات قيمة معرفية وطرح الحالات المتنافرة والمتوافقة، ورصد تفاعل الضيف مع مستجدات الساحة، والنسب العكسية لكل نتيجة غير مقنعة، وشرح التعقيدات التي تنتاب كل مسألة نظرية أو فعلية، إضافة إلى استنباط الميول والانفعالات لكل شخصية تصدرت قائمة الحوار أو النقاش، وتحملت مسؤولية أضواء اللقاء وواجباته المدرجة ضمن التفسير الذي ينتظره المشاهد. وطرح تساؤلات عديدة عن معالجة الظواهر جميعها بمنهج مختلف وبحث رائع عن المصدر والمعرفة وأيضا المعلومة، وبناء نظرية البرنامج على يقين دون أخطاء، إن غاية الحضارة خلق ارتباطات علمية تخفف من هيمنة الواقع وعداء الناس بعضها لبعض، وجعل الحوار قائما بين جميع الأطراف والطبقات في المجتمعات، وإيجاد عقلانية ذات معايير علمية في ضوء فهم العلاقة بين الناس والواقع، ولكن السؤال الأهم الذي لم تطرحه هذه البرامج على ضيوفها، هل للعلم الحديث والمعاصر علاقة وثيقة بالانقلابات في العالم العربي؟ ولكن كلما تأخر تحرر الشعوب من الاستعمار المادي والسياسي، خفت ضوء الأسئلة وسكن صوت العقل، وتوقفت برامج الحوار والخوض في صميم الأفكار، «يرى إيمانويل كانت: إن المعرفة تتألف من عنصرين من مادة وصورة، بحيث لا توجد المادة في الفكر بدون صورة». إننا بحاجة إلى جدولة ميدانية تعكس أفعالنا العلمية والمعرفية على عضوية العقول في المجتمعات الناشئة، ونشرها كظواهر اجتماعية تتبعها خصائص مستقلة عن المحلية وتبعية منطقية للعالم الحديث.