تقاسم عدد من التربويين في منطقة الباحة صباح أمس جدلاً مطولاً حول مفاهيم وآليات مجتمع المعرفة، وكيفية وصول المدارس والمؤسسات التربوية في السعودية إليه، خلال جلسات وورش عمل اللقاء الرابع عشر لمديري الإشراف التربوي ومديري مكاتب التربية والتعليم في إدارات التربية والتعليم السعودية. وعلى رغم سخونة أجواء الحوار وارتفاع مؤشر المداخلات، إلا أن معظم الطروحات اتفقت في الجانب النظري واختلفت على الآليات الموصلة إلى عمل فعّال، وعوّل الجميع على خطط وطموحات الوزارة في تحقيق المجتمع المعرفي خلال عقدين مقبلين. وقدّم الدكتور راشد العبدالكريم خلال اللقاء ورقة عمل بعنوان «النظرية البنائية ومحاولة تفسير عملية التعلم»، موضحاً أن الأهم في العملية التربوية الانطلاق من عملية بناء وليس انتقال أو اكتساب كما تفسره النظريات التقليدية. وأشار العبدالكريم إلى أن الورقة تهدف إلى التعريف بالنظرية البنائية متمثلة في عدم إلغاء ما سبق والبناء عليه، مستعرضاً أهم المبادئ التي ترتكز عليها، ومنها تهيئة بيئة التعلم، والمساعدة في الوصول إلى مصادر التعلم، والبناء المعرفي من خلال العقل، وتفسير ما يستقبل في ضوء ما سبق اكتنازه من معلومات. فيما عرض الدكتور محمد عبدالخالق مدبولي في ورقته «التعليم ومجتمع المعرفة، مداخل مقترحة لبناء مجتمع التعلم واقتصاد المعرفة»، مفهوم مجتمع المعرفة من حيث نشأته وتطوره، مستعرضاً مفاهيم عدة ظهرت في النصف الثاني من القرن العشرين ومطلع الألفية الثالثة. واستشهد بالمجتمع ما بعد الصناعي، ومجتمع المعلومات. وحصر مدبولي المقومات الرئيسة لمجتمع المعرفة في مستويين أحدهما موضوعي متمثلاً في العقل، واللغة، والتعلم، وآخر تقني يتجلى في المحتوى المعرفي، وشبكات الاتصال، والقدرة الرقمية، مشدداً على أهم الخصائص الواجب توافرها في كل مقوم منها لبناء مجتمع المعرفة. وأضاف أن مفهوم اقتصاد المعرفة ظهر بوصفه المفهوم الحاكم لإحدى حلقات تطور المجتمع الصناعي الحديث نحو مجتمع التعلم والمعرفة، ما أسهم في اضطلاع دور التعلم بصيغ عدة، وصيغة التعلم المستمر خصوصاً، في بناء هذا المفهوم وترسيخه، وما يتطلبه ذلك من إعادة النظر في وظائفها وبنيتها وتحديد مفهوم المعرفة ذاته، معوّلاً على المداخل التربوية المؤهلة للتبني من مؤسسات التعليم، وتوظيفها في بناء مجتمعات التعلم داخلها وخارجها. فيما ذهب الدكتور بدر بن عبدالله الصالح في ورقته عن «القيادة المدرسية الفعّالة والتغيير التربوي في مجتمع المعرفة» إلى أن القيادة المدرسية الفعّالة تلعب دوراً جوهرياً في دعم التحول في النموذج التربوي، ما يتطلب أن تنظر كليات التربية في السعودية باهتمام أكبر لتقديم برامج أكاديمية فعّالة لأعداد القيادات المدرسية. وأبدى تحفظه على حصر البرامج التأهيلية للتربويين في دورات تدريبية قصيرة تقدم بأساليب تقليدية، محمّلاً وزارة التربية والتعليم مسؤولية التوجّه نحو عملية إعداد قيادات مدرسية قادرة على إحداث تحول حقيقي في أداء المدارس، وتصحيح التقليد الحالي، متمثلاً في تعيين معلم خدم بضعة أعوام في منصب مدير مدرسة.