دعا صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى التوقف لتأمل الحياة في بلاد الحرمين الشريفين وما تتمتع به من أمن في الأوطان وصحة في الأبدان واستقرار في كافة أنحاء الوطن الغالي، مؤكدا أن هذا الأمن والاستقرار هو سر النمو الاقتصادي والمعرفي والاجتماعي وبوصلة تطور العمل السياسي، مشددا على أن من يحاول العبث بأمن واستقرار هذه البلاد سيلاقي الجزاء الرادع تجاه تصرفاته . ورحب ولي العهد بعودة كل من ضل طريق الحق ثم عاد عن فكره أو عمله الإجرامي، موضحا أن الدولة ترحب بكل من ينتقد بطريقة عقلانية بعيدة عن الانفعالية والتشهير، مستشهدا بالقول «رحم الله من أهدى إلي عيوبي»، ورافضا في الوقت نفسه كل من يخرج عن هذه القاعدة في النصح والإصلاح. وخاطب الأمير سلمان بن عبدالعزيز وجهاء وأعيان مكةالمكرمة في حفل سحور دعا إليه الشيخ عبدالرحمن فقيه في مكةالمكرمة قائلا «توجيهات خادم الحرمين الشريفين لنا جميعا واضحة وجلية وهي خدمة الحرمين الشريفين والبقاع المقدسة، والحقيقة أنني أشعر بالمسؤولية الكبرى على عاتقي التي كلفني بها الملك، حفظه الله، وأرجو من الله عز وجل المعونة فيها وأن يسدد خطاي لما يحب ويرضى، ولا بد أن ندرك أن هذه البلاد التي نزل بها الوحي على رسول عربي بلغة عربية تتحمل مسؤولية كبرى، ولذلك فإن علينا أن نتمسك بكتاب الله وسنة نبيه، وهذا أصلا ما ينص عليه النظام الأساسي للحكم، لأن هذه البلاد عربية أصيلة منها توهجت شمس العروبة واستقت الأمة منها الأصالة»، وقال سموه «لو عدنا لما قبل توحيد هذه البلاد لوجدنا كل مدينة وقرية وقبيلة كانت تمثل دولة مستقلة، سواء في الوسط أو الغرب أو الشمال أو الجنوب، وكان الناس متناحرين فكان داخل المملكة عدة ممالك من شتى القبائل، وعندما جاء الملك الموحد عبدالعزيز، طيب الله ثراه، جمعنا في أمة واحدة ودولة واحدة، وكانت القاعدة الأساسية للتشريع فيها الكتاب والسنة، وجسد ذلك نظام الحكم في مادته السادسة، وكما ترون اليوم هذا الأمن والاستقرار وهذا عز لنا عز الله به بلاد الحرمين». وأضاف سموه «فكما تعلمون أن ثمة قرابة 6 ملايين معتمر هذا العام وخدمتهم شرف عظيم ومسؤولية كبرى على الدولة والشعب، وكان في سابق الأمر الرجل لا يأمن على أهل بيته لكن الآن وبفضل من الله يأمن الرجل على أقاربه ومحارمه دون وجل، لذا فإنه لا بد أن ندرك أن الأمن والاستقرار هو الأساس في النمو السياسي والاقتصادي والمعرفي والتجاري، والدولة حاليا تمضي صوب التطوير والنماء وفق خطط مدروسة ومهيأة وفق رؤية شاملة». وواصل الأمير سلمان حديثه الودي قائلا «بكل وضوح وصراحة نقول إن أهم ما يتوجب علينا صيانته هو أمننا واستقرارنا، والحقيقة أن الاستثمار الأمثل الذي نحرص عليه ليس بالنفط بل هو الاستثمار في الرجال والأجيال، وأبوابنا مشرعة لكل من يرى نقصا أو عيبا، وأقول بكل شفافية رحم الله من أهدى إلي عيوبي، فكل من يرى خللا في تطبيق العقيدة أو في صيانة مصالح الشعب فليبلغنا بها، ودولتنا ترحب به، ويسعدنا ذلك، وهذا النهج موجود في كتاب الله تعالى وفي سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء والصحابة من بعده، نقول دائما نحن بشر نخطئ ونصيب ونتقبل النصيحة ولكن وفق ضوابط بأن تكون بين ولي الأمر ومن يرى الخلل، أما التشهير أمام الناس فلا ينبغي، فنحن أسرة نبتت من تربة وأرض هذه البلاد، دماؤنا حمراء ليست زرقاء ولم نأت من فوق لا من استعمار ولا غير استعمار، فقد نبتنا من هذه الأرض، فمنذ محمد بن سعود وحتى اليوم ونحن عدنانيون من نسل هذه البلاد الطاهرة». وطلب ولي العهد من الحاضرين تأمل ما آلت إليه أوضاع بعض البلدان العربية وقال «لا بد لنا من التأمل فيما يجري في سوريا يحزن له القلب، كنا نستقدم من هذا البلد المبارك الرجال الأكفاء من أطباء ومختصين ونستورد منه المنتجات الزراعية والملبوسات، ولكن الوضع الآن تغير وباتت دولة منهكة تقطعها الحروب والقتل والترويع، وكذلك الحال في عدة دول عربية أخرى ولنا في ذلك بلا شك عبرة». وشدد ولي العهد في حديثه للوجهاء على ضرورة التمسك بالعادات والتقاليد والحرص على التراث المحلي لدولتنا، واستشهد بزيارة الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش للمملكة، وقال «لما زار المملكة الرئيس بوش قمنا بترتيب زيارة له إلى المتحف الوطني في الرياض وطلبنا إقامة عرضة من صفين، وعند وصوله كان من حوله يطالبون بإبعاد أهل السيوف خوفا عليه، لكنه تفاعل مع العرضة وطلب سيفا ونزل إلى الصفوف يشاركهم العرضة، وهذه لفتة جميلة تدل على قناعته بالموروث التراثي، وحين دخلنا المتحف كان لدي قهوجي اسمه فهد وكان لا يمد لك فنجان القهوة إن لم تتسلمه بيدك اليمنى فحين مد الفنجان للرئيس بوش مد يساره، فرفض القهوجي تقديم القهوة وأفهمته أن هذا جزء من العادات لدينا، فتقبل الأمر واحترم العادات». وقال الأمير سلمان بن عبدالعزيز «هذه الدولة قامت على التوحيد ولم تسقط منذ عقود طويلة، وعلى الرغم من الخلافات التي تسببت في سقوط الدولة السعودية الثانية إلا أن المؤرخين تنبأوا بعودتها للقيام، وهذا ما حدث في الدولة السعودية الثالثة، وفي اعتقادي أنه لن يفلح من يريد إسقاطنا إلا عندما ينجح لا سمح الله في إخراجنا وإبعادنا عن ديننا وعقيدتنا، لذا فإنه لا بد لنا من التمسك بالدين والعقيدة، والدولة تفتح قلبها وأبوابها لكل من خرج عن رشده ثم عاد إليها وقد أدرك الدرس وعرف الخطأ الذي وقع فيه، ومع هذا لن نسمح لكائن من كان أن يمس بأمن هذه البلاد أو يعبث به لأننا في مركب واحد يجب على الجميع المحافظة عليه». وكان الحفل قد انطلق بكلمة للشيخ عبدالرحمن فقيه رحب فيها بالضيوف الكرام وقال «إن كلماتي تعجز عن الشكر والتقدير لتشريفي بتلبية دعوة مواطن يحبكم بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى، مقدرين بذلك تواضعكم الجم وسجاياكم النبيلة وأخلاقكم الكريمة ومحبتكم لشعبكم الذي أحبكم كما أحببتموه، وقدركم كما قدرتموه، وأنتم الآن بين أهلكم وإخوانكم الذين يقدرون ما بذلتم من جهود خارقة وسهر طويل على أمنهم وراحتهم واستقرارهم، ففي الوقت الذي يشهد العالم من حولنا من الحروب والفتن والاضطرابات وفقدان الأمن وإراقة الدماء والعدوان على الأعراض والأموال والممتلكات، تستمر هذه البلاد واحة أمن واستقرار ورخاء ونماء، موفرة الكرامة قوية الجانب. وأضاف الشيخ فقيه قائلا «في مثل هذه الأيام الندية المباركة من شهر رمضان الفضيل منذ عام مضى شرفني وشرف هذا المكان فارس الأمن صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز، رحمه الله، وكان ملء السمع والبصر والفؤاد، وإذا كانت مشيئة الله عز وجل قد قضت ولا راد لقضائه وقدرته بأن ينتقل، يرحمه الله، إلى جوار رب غفور رحيم، فإن الله سبحانه وتعالى قد عوض هذه الأمة بخير خلف لخير سلف، كما أن تعيين صاحب السمو الملكي الأمير أحمد بن عبدالعزيز وزيرا للداخلية جاء تتويجا لمسيرة ناصعة في خدمة الدين والمليك والوطن امتدت لأكثر من 40 عاما، ظل طوال هذه السنوات المديدة عينا ساهرة على أمن الوطن والمواطنين وساعدا قويا. ثم تناول الجميع مأدبة السحور، وحضر مناسبة تكريم الأمير سلمان والأمير أحمد بن عبدالعزيز كل من صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم، صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب وزير الشؤون البلدية والقروية، صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف رئيس ديوان ولي العهد والمستشار الخاص لسموه، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار، وزير العمل المهندس عادل فقيه، وعدد كبير من المسؤولين والوجهاء والإعلاميين في مكةالمكرمة.