اعتبر الدكتور صائب عريقات عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وكبير المفاوضين الفلسطينيين الدعوة التي وجهها خادم الحرمين الشريفين لعقد قمة إسلامية استثنائية في مكةالمكرمة يومي السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر رمضان الحالي خطوة تاريخية كبيرة جدا تجسد حرصه على الشعوب العربية والأمة الإسلامية. وقال عريقات في حوار مع «عكاظ» إننا نتطلع إلى أن تتوج قمة مكة بقرارات تخرج الأمة من أزمتها. وأشار إلى أن المملكة أوفت بكل التزاماتها للفلسطينيين، قائلا إن مكرمة خادم الحرمين الشريفين مكنتهم من تجاوز الأزمة المالية وتعزيز صمودهم. ورأى أنه لا فائدة من العودة للمفاوضات مع إسرائيل في ظل إصرارها على مواقفها المتعنتة ومواصلة نشاطاتها الاستيطانية. وفيما يلي نص الحوار: دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى عقد قمة إسلامية استثنائية في مكةالمكرمة في تجسيد لحرص المملكة على الشعوب العربية والإسلامية.. كيف تقيمون هذه الدعوة؟ دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز جاءت في مكانها وزمانها الصحيح، فالعالم العربي يشهد تغيرات ولا بد من الوقوف أمامها بجدية وإخلاص ووضع مصالحنا فوق أي اعتبار آخر. والقمة الإسلامية تعتبر طوق نجاة للأمة وستناقش الأزمة السورية والقضية الفلسطينية وغيرهما من القضايا التي تهم العرب والمسلمين والتحديات التي تواجه الأمتين العربية والإسلامية. وفي اعتقادي تجسد هذه القمة حرص خادم الحرمين الشريفين على الشعوب العربية والإسلامية وتعتبر خطوة كبيرة جدا. ونتطلع إلى أن تتوج بقرارات تتضمن آليات تنفيذ قادرة على تمكيننا من الخروج من الصعوبات التي نواجهها كعرب ومسلمين لتحقيق مصالحنا وضمان أمننا القومي مما يؤهلنا لأن نكون على خارطة العالم كشعوب تستطيع التأثير في الحدث الدولي بقدر واسع أكثر. عانت السلطة الفلسطينية مؤخرا من أزمة مالية وعجزت عن صرف رواتب الموظفين ولولا دعم المملكة المادي لدخلت السلطة في أزمة خانقة، فكيف يمكنكم الخروج من الأزمة المالية؟ أولا نثمن عاليا ونقدر عاليا قرار خادم الحرمين الشريفين تقديم مساعدة إضافية للسلطة الفلسطينية، فالمملكة أوفت كالعادة بكل التزاماتها لنا. وبعد لقاء الرئيس محمود عباس مع خادم الحرمين الشريفين في جدة، قررت المملكة تقديم مساعدة مالية للسلطة مكنتها من دفع رواتب الموظفين وتعزيز صمودنا. ونحن نشكر خادم الحرمين الشريفين على هذا الدعم. ونأمل من كل الدول العربية التي لم تف بالتزاماتها القيام بذلك. وأن تتحول الوعود التي تلقيناها في اجتماع الدوحة الأخير إلى واقع. وثانيا الاقتصاد الفلسطيني سيبقى مرتهنا طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي، يعني من الصعب جدا الحديث بصراحة تامة عن كينونة اقتصادية قادرة على تلبية كل حاجات الشعب الفلسطيني، لذلك نحن نمر بهذه الصعوبات تارة تلو أخرى لعدم تمكننا من الوصول إلى 60% من أراضينا في الضفة، خاصة القدسالشرقية، وإمكانياتنا السياحية والزراعية والاقتصادية لا يمكن تطويرها بالطريقة المطلوبة لبناء الاقتصاد السليم الكامل المتكامل طالما استمر الاحتلال الإسرائيلي. تعرضت السلطة الفلسطينية لضغوط كبيرة لمنعها من التوجه إلى الأممالمتحدة لطلب عضوية دولة فلسطين في الجمعية العامة بالأممالمتحدة، فإلى أين وصلت جهودكم في هذا الشأن؟ هناك قرار من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وآخر من اللجنة المركزية لحركة فتح، وتوصية من المجلسين الثوري والاستشاري للحركة بأن نذهب إلى الأممالمتحدة للحصول على مكانة لدولة فلسطين كدولة غير عضو. وهذه القرارات الفلسطينية تم دعمها عربيا في 22 من شهر يوليو (تموز) الماضي في الدوحة بتأييد جميع الدول العربية. ويعني حصول فلسطين على وضع دولة غير عضو أولا أنه ستكون لدولة فلسطين بحدود 1967 وعاصمتها القدسالشرقية شخصية دولية قانونية اعتبارية تكون فيها تحت الاحتلال. وثانيا يعني أن إسرائيل لا تستطيع بعد القرار في حال إقراره أن تتحدث عن اصطلاح أراض متنازع عليها. وهو اصطلاح مخادع تستخدمه إسرائيل. وثالثا سيكون لفلسطين الحق في الانضمام إلى عضوية كل المؤسسات الدولية بما فيها محكمة الجنايات الدولية. ورابعا ستكون هناك مسؤوليات للدول الأعضاء في الأممالمتحدة ال192 تجاه دولة زميلة تحت الاحتلال، وتجاه دولة عضو في الجمعية العامة تخضع للاحتلال، وهذا ستكون له انعكاساته القانونية والدبلوماسية والاقتصادية والسياسية. وأخيرا بهذه الطريقة نحفظ خيار حل الدولتين. لكن كيف ستواجهون الضغوط الأمريكية والإسرائيلية؟ الإدارة الأمريكية للأسف تقول إن هذه خطوة يجب ألا تتم. وإن قمنا بها سيغلق الكونغرس مكتب منظمة التحرير في واشنطن وسيقطع المساعدات عنا. كما تهدد إسرائيل بعدم تحويل عوائد ضرائبنا وجماركنا ما يعني تجفيف مصادر دخل السلطة الفلسطينية. نحن لا نريد الصدام مع أمريكا، ولسنا ضد عملية السلام إذا ما أوقفت إسرائيل الاستيطان ووافقت على إقامة الدولة الفلسطينية على حدود عام 67. لكن إسرائيل ترفض وقف الاستيطان وتعارض إقامة دولة فلسطينية على حدود عام 67. وتستمر في سياسة الاعتقالات والاغتيالات والاقتحامات وبناء المستوطنات، وفرض الحقائق على الأرض في القدس وبناء الجدار، بينما تقوم الولاياتالمتحدة والكونغرس الأمريكي بمساندتها لمنعنا من الذهاب إلى الأممالمتحدة. وكما تتخذ أمريكا قراراتها وفقا لمصالحها نحن أيضا نتخذ قراراتنا وفقا لمصالحنا. وقد أجمعت أكثر من 80% من دول العالم على التصويت لصالحنا لأنها تدرك أننا نحاول الحفاظ على خيار الدولتين أمام العبثية الإسرائيلية المستمرة في الاستيطان وفرض الحقائق على الأرض. وبالنسبة لموقفنا نحن أخذنا قرارا في القمة العربية التي عقدت في بغداد. وفي اجتماع الدوحة الأخير قرر الأشقاء العرب إقامة شبكة أمان لنا في حال قطعت إسرائيل تحويل أموال الضرائب عنا وتعهدوا بتوفير شبكة أمان بقيمة 100 مليون دولار. ما زالت المصالحة الفلسطينية تتعثر وسط تبادل للاتهامات بين حركتي فتح وحماس، فكيف ترون أفق المصالحة في ظل هذه الظروف والمناكفات؟ هذا جرح عميق ونازف في الجسد الفلسطيني، وإن لم نساعد أنفسنا كفلسطينيين لن يساعدنا أحد، فالضفة وغزةوالقدس مناطق محتلة من قبل إسرائيل ولا يوجد ما نتقاتل حوله. واستمرار الانقسام وصمة عار بحقنا، وبالنسبة لنا يجب أن ينتهي. وعندما نختلف يجب أن نحتكم إلى صناديق الاقتراع وليس إلى صناديق الرصاص، وبالتالي على حركة حماس أن تتراجع عن قرارها بوقف عمل لجنة الانتخابات في غزة حتى نتمكن من تحديث سجلات الناخبين في غزة ويتم إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية وانتخابات مجلس وطني. أعلن الرئيس المصري محمد مرسي أنه يقف على مسافة واحدة بين الفصائل الفلسطينية واستقبل مؤخرا الرئيس عباس ثم خالد مشعل وأخيرا رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية.. هل تعتقدون أن مصر قادرة في ظل ظروفها الداخلية الراهنة على الاستمرار في دورها على الساحة الفلسطينية؟ أعتقد تماما أن مصر هي القلب النابض للعالم العربي وستبقى كذلك. وفي اجتماعنا الأخير في العاصمة القطرية وجهت الدعوة لتنفيذ اتفاقي الدوحة والقاهرة برعاية مصر. فهذا القرار من جميع الأشقاء العرب يعني أن تستمر الرعاية المصرية للمصالحة الفلسطينية.