لا تغيب بسطات الكبدة عن مدن الحجاز خلال الشهر الكريم مهما كانت الظروف، ما دفع الجهات المختصة للتدخل لضبطها، وتوزيعها على الباعة منذ شهر شعبان، لتسير العملية بنظام بعيدا عن العشوائية، وأول ما يلفت نظر الزائر لمنطقة البلد في جدة، تلك البسطات التي تبعث منها الروائح الزكية. عبدالله المولد أوضح أنه يعمل في هذه المهنة منذ 15 عاما، لافتا إلى أنه لا يجني أرباحا من بيع الكبدة بل عززت من علاقاته الاجتماعية، موضحا أنه بات يربطه بزبائنه الذين يتدفقون إليه من أنحاء جدة علاقة وثيقة، خصوصا أن تزامن رمضان مع الإجازة الصيفية. من جهته، أفاد عبدالله بانعمة أن أولاده يشتاقون لممارسة بيع الكبدة في المكان المخصص لهم بمنطقة البلد، مبينا أنه كان يصطحبهم عندما كانوا أطفالا في كل مساء أثناء بيعه للكبده ويعمد إلى جعلهم يساعدونه في تجهيز (البسطة) وإعداد الطاولات وتنظيفها استعدادا لاستقبال الزبائن وتجهيز أدوات الطبخ وتتبيل الكبدة ووضعها في حافظات خاصة بها، لافتا إلى أن أبناءه أصبحوا يدركون أهمية هذا العمل من الناحية الاجتماعية وبناء الشخصية. إلى ذلك، أوضح سالم الجهني أنه يحضر الكبدة الطازجة يوميا من المسالخ المركزية، سواء كانت كبدة غنم أو حاشي، منوها إلى أنها تختلف في مذاقها عن تلك المجمدة أوالمستوردة التي يقدمها البعض على أنها طازجة. وذكر الجهني أن الزبائن يدركون الفرق بين أنواع الكبدة وذلك من خلال الطعم والرائحة بالإضافة الى أن معظم الزبائن، حددوا أصحاب البسطات التي يتعاملون معهم بشكل مستمر. بينما، أكد محمد عبيد أحد الزبائن أنه يحرص على أن يكون موجودا في منطقة البلد من بعد صلاة التراويح، حيث تتضح معالم الشهر هناك بشكل أكبر، مبينا أنه ومجموعة من زملائه في الحي يحرصون على تناول طبق الكبدة في إحدى البسطات في البلد حيث يتجهون لها بعد أن يكونوا قد تسوقوا وتمتعوا بأجواء رمضان في المنطقة التاريخية بوسط جدة. في حين أشار عبدالرحيم الشعبي إلى أنه رأى شخصيات معروفة من لاعبين وإعلاميين يرتادون بسطات الكبدة مما يدل أن هذا الأمر صار جزءا من حياتهم، موضحا أنهم تركوا المطاعم الفاخرة وجاءوا ليستمتعوا ببساطة رمضان وسط الناس مما يحقق لهم شعورا لا يجدونه في أي مكان ولا في أي وقت غير رمضان.