«أردتها تراجيديا قاسية في بنيتها ولكنها لا تزيف الواقع، وبالتالي لن أعري من خلالها المجتمع من أجل إلباسه ثيابا جديدة يفرح بها يوم العيد»، يقول سامر رضوان معللا كتابته لجزءين من مسلسل الولادة من الخاصرة، والتي أرادها ولادة متعثرة، وأحيانا غير منطقية، وما ينتج عن هكذا ولادات من لحظات وظروف اجتماعية وأخلاقية ونفسية معقدة ومريضة. فبالرغم أن المشاهد العربي قد ضاق ذرعا بالدمع، والألم والقهر الذي لطالما عاشه ومازال إلا أن رضوان بقي مصرا على أن الإنسان نصفه دمع والنصف الباقي أمل. في الجزء الثاني الذي لحظ ظروفا تقنية وربما مصالح تجارية لبعض النجوم إلا أن الكاتب تمكن من دفق فيض من الدلالات والأحداث متجها بها شرح حالة الحراك الشعبي التي شهدتها بعض الدول العربية وتحديدا في سوريا حيث تم بناء الحبكة الدرامية الثانية للولادة من الخاصرة والتي حملت عنوان «ساعات الجمر». ففي هذه الساعات تخلص رضوان من كافة عقد «لعنة الطين» وهي الشخصيات التي أدت إلى تنامي أحداث الجزء الأول كشخصية سماهر «زوجة الضابط رؤوف» والتي أدت دورها سلاف فواخرجي، كذلك تخلص من علام (الولد العاق) الذي لعب دوره مكسيم خليل ووالد علام الذي أنهى له دوره قبل نهاية الجزء الأول هذا بالإضافة إلى شخصيات لا نعرف لماذا وجدت كالناشطة الاجتماعية وخطيبها الأمي اللذين غابا دون أن نعرف مصيرهما. لكن رغم تغييب تلك الشخصيات إلا أن ربط الجزءين جاء متماسكا بإضافة بعض التعديلات على مصائر شخوص باقي أبطال المسلسل حين تبدلت نفوسها الخاضعة، وباتت منتفضة، مثقلة بالدمع الذي سيدفعها في النهاية إلى رفع الصوت، لا تخشى المطالبة بالتغيير. «ساعات الجمر» ضوء مسلط على الفساد السياسي والاجتماعي، ضوء مسلط على المؤسسات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية بأغلب تمظهراتها. لقد طمح سامر رضوان في عمل خارج عن السائد، إن كان في طبيعة الرسائل أو في طريقة إيصالها دون تبسيط أو محاولة تجميل للقهر، هذا فضلا عن معادلة جماليات القبح التي أبدع بها بتقليبه المشاهد تارة من حالة النفور لشخصية وطورا إلى التعاطف معها.. لقد نجح رضوان ومعه المخرجة رشا شربتجي في وضع المشاهد أمام حالة ترقب لما يختزنه المسلسل من صور بالغة الدلالة، جسدها أبرز نجوم الدراما السورية وإلى جانبهم ممثلو الفئة الثانية الذين يشاركون بأحداث كبيرة يمر بها أبطال العمل والتي لا تقل أهمية عن الأدوار الرئيسية.