الأحكام تتغير بتغير الأزمان، وكذلك الحال في الفكر الاستراتيجي إذ تتغير السياسة الاستراتيجية بتغير الأزمان، فالولاياتالمتحدةالأمريكية تعرضت في العقد الماضي إلى أزمات اقتصادية انتقل تأثيرها إلى العالم بأسره ، لكن درجة التأثير كانت مختلفة من دولة إلى أخرى. لهذا أخذت إدارة الرئيس أوباما بعمل خطة استراتيجية مستقبلية للولايات المتحدةالأمريكية عرفت باسم (مقاربة أوباما العسكرية) وهذا الأمر يتطلب تقليص حجم الجيش الأمريكي وفيلق المارينز ، بالإضافة إلى تخفيض عدد القوات الأمريكية في أوروبا مع تقليص حجم الترسانة النووية. إن هذه الإجراءات تتطلب اعتماد المؤسسة العسكرية على الشراكات مع الحلفاء بالإضافة إلى تجنب عمليات المواجهة والصراع واسع النطاق ، وهو ما يفسر الموقف الأمريكي تجاه إيران وفي سوريا. كما أن الولاياتالمتحدة سوف تعمد إلى الاستثمار في قوات العمليات الخاصة التي تتطلب نفقات أقل من الوحدات العسكرية التقليدية ، وهذا ما دعاها للتركيز على الطائرات من دون طيار واعتماد أمن الفضاء المعلوماتي. وقد قررت الولاياتالمتحدة نقل بؤرة تركيز القوات المسلحة الأمريكية إلى القارة الآسيوية فحولت معظم أساطيلها للمحيط الهادي وذلك لمواجهة النفوذ المتنامي للصين، وما قد تقوم به كوريا الشمالية من تحركات ، وهذا لا يعني التخلي عن الشرق الأوسط والعراق بل الاحتفاظ بالوجود العسكري فيهما. لقد اعتمدت الولاياتالمتحدة التراجع في العدد والتوسع في النوع مما منحها مزيداً من خفة الحركة والمرونة المتناهية ، والاستعداد لمواجهة التحديات والتهديدات الطارئة. لقد أجمل أوباما هذه الاستراتيجية في ثماني صفحات وسوف يعلنها البيت الأبيض قريباً ، وبهذا توفر الولاياتالمتحدة ما يقارب خمسمائة مليار دولار سنوياً ستقتطع من ميزانية القوات المسلحة. إن أكثر ما تتخوف منه الولاياتالمتحدةالأمريكية هو أن تهيمن الصين على آسيا الوسطى فتحقق نفوذاً عليها ، أو أن يعود الروس إلى الدول الخمس في آسيا الوسطى فيستردوا قوتهم ، لهذا فإن الولاياتالمتحدة تسعى إلى نقل الربيع العربي لهذه الدول لأن القوة الناعمة أصبحت سلاح هذا العصر.