بدأ الرئيس باراك أوباما خطابه عن حالة الاتحاد وأنهاه بتذكير الناخبين الامريكيين بأنه أعاد القوات الامريكية من العراق وأرسل القوات الامريكية الخاصة التي قتلت اسامة بن لادن في باكستان. لكنه لم يقل الكثير عن التحديات المستمرة هناك وفي دول اخرى بدءا من اعداد أفغانستان لتولي المسؤولية الامنية وادارة نفسها بنفسها بعد انسحاب القوات الاجنبية من البلاد في عام 2014 الى الحيلولة دون تجدد الصراع الطائفي في العراق الى احتواء كوريا الشمالية ومنع أزمة اليورو من اغراق محاولة انعاش الاقتصاد الامريكي. كما لم يقل أوباما شيئا عن تدهور العلاقات الامريكيةالباكستانية العام الماضي وبالتحديد بعد غارة لحلف شمال الاطلسي على الحدود الافغانية الباكستانية في 26 نوفمبر تشرين الثاني الماضي أدت الى مقتل 24 جنديا باكستانيا كما لم يشر الى الصين الا بوصفها منافسا اقتصاديا. واستحوذ الاقتصاد الامريكي على معظم خطاب اوباما الذي استغرق 66 دقيقة وهو شيء منطقي نظرا لمخاوف الناخبين الذين سيقررون في السادس من نوفمبر هل سيعيدون انتخاب الرئيس الديمقراطي ام سينتخبون منافسه الجمهوري. وقال محللون ان الخطاب كان مؤثرا للطريقة التي تحدث بها أوباما عن النموذج الذي قدمه الجيش الامريكي للعمل بروح الفريق في توبيخ ضمني للكونجرس الامريكي والانقسامات المعوقة في واشنطن. وافتتح أوباما خطابه بالحديث عما قد يكون أبرز إنجازاته في السياسة الخارجية وهو قتل بن لادن والوفاء بوعده بسحب القوات الامريكية من العراق حتى على الرغم من تصاعد التوترات الطائفية بعد الانسحاب النهائي الشهر الماضي. وقال أوباما "للمرة الاولى خلال تسع سنوات لا يقاتل الامريكيون في العراق. وللمرة الاولى خلال عشرين عاما لم يعد اسامة بن لادن يشكل خطرا على هذه البلاد." وأضاف "هذه الانجازات شاهد على شجاعة وانكار الذات وروح الفريق التي عملت بها القوات المسلحة الامريكية. وفي الوقت الذي خذلتنا فيه العديد من مؤساتنا فاقت هي (القوات المسلحة) كل توقعاتنا." وقال دانيل سيروار وهو دبلوماسي امريكي سابق ان الخطاب يتحدث ضمنيا عن تقليص الالتزامات الامريكية في الخارج رغم قول اوباما ان الولاياتالمتحدة لم تخسر نفوذها في العالم ومازالت "دولة لا يمكن الاستغناء عنها." وكتب سيروار وهو الان يعمل في كلية جون هوبكينز للدراسات الدولية المتقدمة في مدونته "اذا كان هذا (الخطاب) مقدمة لحملته الانتخابية -وهو ما يجب ان يكون- فهو يكشف عن سياسة خارجية أكثر تركيزا على الاقتصاد مع حصر القضايا الامنية في عدد قليل من الاولويات وانحسار التركيز على الدبلوماسية باستثناء قضايا محددة معدودة." واستطرد "هذه رؤية لاستعادة قوة الاقتصاد الامريكي في الداخل لا زيادة -أو بالأحرى الإبقاء على- الالتزامات في الخارج. هذا ما يسمى خندقة." ورد أوباما في الفقرات المخصصة في خطاب حالة الاتحاد للسياسة الخارجية على هجوم الجمهوريين عليه بما في ذلك القول بانه يرأس أمريكا متراجعة وأنه لا يتشدد بالقدر الكافي مع ايران. ودخل أوباما البيت الابيض معربا عن استعداده للتفاوض مع ايران حول برنامجها النووي وهو موقف لم يقبل به سلفه جورج بوش الا بعد احجام. وعرض أوباما بذلك نفسه للانتقاد بأن سياسته تفتقر الى القوة. وعلى سبيل المثال قال ميت رومني المرشح الجمهوري المحتمل لانتخابات الرئاسة الامريكية في نوفمبر صراحة "اذا اعدنا انتخاب باراك أوباما ستمتلك ايران سلاحا نوويا.. واذا انتخبتموني كرئيس قادم لن تحصل على سلاح نووي." ورد أوباما على هذا الهجوم قائلا "ما من شك في أن أمريكا عازمة على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ولن استبعد اي خيارات لتحقيق ذلك الهدف." واستدرك اوباما بقوله ان حل النزاع بشأن البرنامج النووي لإيران حلا سلميا ما زال أمرا ممكنا إذا وفت طهران بالتزاماتها الدولية. وقال "ما زال الحل السلمي لهذه المسألة ممكنا بل أكثر من ذلك فإذا غيرت ايران مسارها ووفت بالتزاماتها فإنه يمكنها الانضمام مرة اخرى إلى المجتمع الدولي." وقال اوباما في كلمته ايضا انه على يقين ان الزعيم السوري بشار الأسد "سيكتشف قريبا ان قوى التغيير لا يمكن إيقافها." وقال ان الولاياتالمتحدة ستناهض العنف والارهاب في الشرق الأوسط وما وراءه. وحاول في كلمته تبديد المخاوف بين الناخبين اليهود في الولاياتالمتحدة بشأن موقفه من اسرائيل. وقال اوباما "التزامنا الثابت -وأؤكد الثابت- بالحفاظ على أمن اسرائيل تطلب أوثق تعاون عسكري بين بلدينا في التاريخ." واتهم مرشحون جمهوريون محتملون من بينهم نيوت جينجريتش رئيس مجلس النواب الامريكي السابق وريك سانتورم عضو مجلس الشيوخ السابق أوباما بأنه يعمل على استرضاء خصومه وانه يرأس أمريكا ضعيفة. ورفض أوباما هذا المنطق وقال "اي شخص يقول لكم ان أمريكا تتراجع او ان نفوذنا في انحسار لا يعرف ما يتحدث عنه. "نعم العالم يتغير. لا.. لا نستطيع ان نسيطر على كل حدث. لكن أمريكا مازالت دولة لا يمكن الاستغناء عنها في الشؤون الدولية... وسأعمل على ان يظل الوضع على هذا الحال ما بقيت رئيسا للبلاد."