في الحديث النبوي (إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم). (إياكم والظن.. ولا تحسسوا، ولا تجسسوا). (أذكر أول رجل قطعه النبي.. فكأنما أسف. فقالوا: كأنك كرهت قطعه؟ فقال:لا تكونوا أعوانا للشيطان على أخيكم.. الله عفو يحب العفو (وليعفوا وليصفحوا..). وقال المسيح: «لا تدينوا لكي لا تدانوا». مؤخرا قام علماء أمريكيون بتصوير أدمغة الناس أثناء ممارستهم للإدانة المعنوية للآخرين فتبين أن المركز الذي ينشط عندها هو مركز اللذة، وهذا يفسر سبب تولع الناس بفرض الوصاية الأخلاقية على الآخرين والسعي لإدانتهم وتكفيرهم وتفسيقهم وتبديعهم والتحسس والتجسس وتتبع العورات «مطاردتهم لفضحهم» فهي لها لذة كتلك التي للشهوات وهذايفسر تحذير الأنبياء منها، والله لم يشرع لأحد الوصاية على الآخرين (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر ). وفي كتاب«تلبيس إبليس» لإبن الجوزي الحنبلي القرن السادس عنون الباب الثامن ب (تلبيس إبليس على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر) وانتقد سلوكياتهم التي يتوهمون أنها من الدين بينما هي غواية:«هم قسمان عالم وجاهل، فدخول إبليس على العالم بالتفاخر والاغترار.. والغضب للنفس؛ فربما تعرض للإهانة فتصير خصومة لنفسه. وإن كان الآمر بالمعروف جاهلا.. كان إفساده أكثر من إصلاحه.. وربما أنكر جائز ببعض المذاهب.. وكسر الباب وتسور الحيطان وضرب أهل المنكر وقذفهم فإن أجابوه بكلمة تصعب عليه صار غضبه لنفسه، وربما كشف ما أمر الشرع بستره، وسئل ابن حنبل عن القوم يكون معهم المنكر مغطى.. فقال: فلا تكسره.. ولا تفتش.. وربما رفع أهل المنكر لمن يظلمهم.. و إذا جلس في مجمع.. يتباهى ويسب أصحاب المنكر.. ولعلهم خير منه.. وسمعت عن بعض الجهلة أنه يهجم على قوم ما يتيقن ما عندهم ويضربهم الضرب المبرح ويكسر الأواني. وكان السلف يتلطفون في الإنكار». فحتى في الدين والأخلاق الغاية النبيلة لا تبرر الوسيلة الخاطئة. [email protected]