هل علينا شهر رمضان الكريم، الذي أوجب الله سبحانه وتعالى فيه الصيام، تلك الشعيرة الإيمانية التي بها من الناحية الدينية عبادة وتقربا لله تعالى، ومن الناحية الاجتماعية تساوي الناس كبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم في الامتناع عن ما أحل الله لهم من أكل وشرب وملذات امتثالا لأوامره تعالى، وفيه مشاركة الموسرين بالإحساس بمعاناة المحتاجين ومد يد العون لهم في صورة رائعة من تآلف وتعاون أفراد المجتمع. ومع دخول الشهر الفضيل تبدأ العادة السنوية لكثير من الاسر وهي الافراط والاسراف في إعداد مائدة الافطار بما يتجاوز حاجة الاسرة من ذلك الطعام ليكون في النهاية مصيره الرمي في حاويات النفايات، وكأن شهر رمضان موسم للإكثار من الطعام والشراب وليس شهرا للتعبد والصيام. فبلا شك من حق كل مسلم بعد أن من الله عليه بصيام يومه ان يتناول ما شاء من طيبات ما أحل الله، ولكن ليس بالصورة التي نراها كثيرا وللأسف من بعض الاسر اليوم. فالمبالغة في اعداد طعام الافطار لحد الاسراف ليس من الاسلام في شيء، كما انه بعيد كل البعد عن الهدف الانساني من الصيام وهو إحساس المسلم المقتدر ماديا بالجوع والعطش ليتذكر من هم أقل منه مقدرة أو المعدمين ماديا، مما هم بالكاد أو لا يجدون ما يسد رمق جوعهم وعطشهم، رغم انهم يعيشون معنا في نفس المجتمع، وقد لا يفصلنا عنهم سوى أمتار قليلة، قد تقل في طولها عن طول مائدة أحدهم، ولندرك دائما ان رمضان هو شهر الصيام وليس شهر الطعام، وان نتذكر بأن رمضان يمثل لأناس كثيرين شهرا واحد في السنة، بينما هو لعدد غير قليل من الناس جميع شهور السنة. سمير عبدالله باعيشرة (جدة)