يخرج بين وقت وآخر من يعزو النكسة المريرة التي تعيشها الكرة السعودية إلى قلة المواهب الرياضية إن لم تكن قد انعدمت في الجيل الحالي، وحقيقة نحن كمتابعين لا نعلم على ماذا استند هؤلاء ليطلقوا أحكامهم، وما الأسس والمعايير التي بنوا عليها توصلهم لهذه النتيجة. فالموهبة وفي كل المجالات هبة من الله يهبها لمن يشاء من عباده وليست صناعة بشرية تقل أو تنعدم، فكما أن المواهب وجدت بين ظهرانينا في ما مضى فهي موجودة في حاضرنا بنفس الجودة والكمية، فالأجيال تتوارث وتتوالى والجيل الحالي هو امتداد لما سبقه من أجيال وربما كان الفارق بين الأجيال هو صعوبة اكتشاف الموهبة في الزمن الحاضر كما كان سابقا كنتيجة طبيعية لاختلاف الظروف بينها، فالأجيال السابقة لم تتوافر لهم عوامل الترفيه المتعددة كما توافرت لهذا الجيل، فلذا لم يجدوا أمامهم سوى التركيز على هوياتهم المختلفة وخاصة كرة القدم؛ ما أدى لانتشار ملاعب الحواري وبشكل واسع وهذا ما سهل على الكشافين الوصول إلى المواهب واختيارهم وتقديمهم للأندية التي تقوم بدورها بصقلهم وإبرازهم على الساحة الرياضية، بعكس شباب هذا الجيل والذين توافرت لهم العديد من وسائل الترفيه ما تسبب في إشغالهم عن مزاولة هواياتهم بصفة عامة وهواياتهم الرياضية بصفة خاصة، كما تسبب الزحف العمراني الذي طال المدن في طمس ملاعب الحواري التي كانت المعين الذي لا ينضب بمد الأندية بالمواهب ما كان له تأثيره في توجه الغالبية العظمى من الشباب إلى مزاولة هواياتهم داخل ملاعب الاستراحات بعيدا عن أعين الكشافين الذين أصبحوا يجدون صعوبة في الوصول للموهبة واكتشافها، يضاف لكل ذلك الدور السلبي لبعض معلمي التربية الرياضية في المدارس بعدم عملهم الجاد لاكتشاف المواهب بين الطلاب كنتيجة طبيعية لقصور في إعدادهم، «فاقد الشيء لا يعطيه»، أو لعدم توافر الملاعب والوسائل التي تعينهم على ذلك، فاكتمل بذلك مسلسل هدر وإهمال المواهب الرياضية التي تكتظ بها مدارسنا الذين هم بحاجة لمن يأخذ بأيديهم ويوجههم الوجهة الصحيحة. فلو قامت الأندية الرياضية بدورها كما يجب ومدت جسور التعاون مع المدارس باتفاقية تتم بين الرئاسة العامة لرعاية الشباب ووزارة التربية والتعليم، بحيث تقوم الأندية على ضوئه برعاية بعض المدارس رياضيا ومدها بما تحتاج إليه من أدوات رياضية مع المساهمة في الأنشطة الرياضية داخلها والمشاركة في تتويج الفصول الفائزة بالتنسيق مع إدارات المدارس ومعلمي التربية الرياضية، على أن تختار الأندية، بمساهمة من مدربيها في المراحل السنية، العناصر الموهوبة والمميزة من الطلاب، وتوفر لهم الرعاية الشاملة والتامة دراسيا واجتماعيا وماديا وتعمل على صقلهم والاستفادة منهم، فمتى ما تم ذلك فسيتوافر لدينا آلاف المواهب قبل أن تضيع ويدفنها الزمان والإهمال.