في زمن العشب الطبيعي والنجيل الصناعي والصالات المجهزة والمكيفة لازالت المدارس تنتظر حلم ملاعب تواكب تطور الزمن بعد أن وأدت الملاعب الترابية الحالية كل أمل في انطلاق المواهب الكروية من رحم المدارس، فالغياب عن حصة التربية البدنية وعدم الرغبة في المشاركة أصبحت سمة معروفة في المدارس، خصوصا المرحلة المتوسطة والتي يمكن خلالها كشف الموهبة كونها تتفتح في هذه المرحلة العمرية . فالمنشآت الرياضيّة داخل عدد كبير من المدارس في مختلف مناطق المملكة تشتكي من انعدام الاهتمام، وتفتقد لأبسط مقومات التطوير والترفيه وكأنّ المدارس لايوجد فيها أنشطة رياضية تساعد بدورها على اخراج المواهب وصقلها داخل أروقتها، واشتكى عدد من مديري المدارس والمعلّمين وكذلك الطلاب من سوء الملاعب والمرافق الرياضية داخل عدد كبير من المدارس، وطالبوا وزارة التربية والتعليم بتطوير تلك المرافق وزيادة مساحتها وصيانتها باستمرار، واصفين الوضع الحالي لها بالمتردّي والذي يحتاج تدخلا عاجلا وفاعلا حتى تسترد الرياضة المدرسية عافيتها وحضورها. ابتدائيّة .. أجهزتها الرياضيّة في مسرح سعد آل غنوم مدير احدى المدارس الابتدائيّة بخميس مشيط اعتبر مرافق المدارس الرياضية دون مستوى الطموح وتحدّث عن مدرسته كمثال وليس كحصر، حيث جالت معه عكاظ داخل المدرسة التي تفتقد لكلّ مامن شأنه تطوير مهارات الطلاب الرياضية. يقول آل غنّوم: التربية البدنية نشاط لامنهجي ضروري لكل طالب لتطوير مهاراته الرياضية وتعويده على النشاط وادخال أجواء ترفيهيّة داخل المدارس لدخول الحصص المنهجيّة بنشاط جديد ونفسيّة مفتوحة للتعلّم. وأضاف «لدينا ملعب صغير الحجم أرضيته من الاسمنت ويفتقد للزراعة وهو مخصص لكرة القدم واليد والسلة والطائرة وهذا بلاشكّ لايعطي معلم التربية البدنية مجالا اوسع في تنويع حصصه الرياضية اضافة الى عدم وجود مظلاّت تقي الطلاب لهيب الشمس اثناء ممارسة نشاطهم الرياضي. وأشاد ال غنوم بما قامت به ادارة تعليم عسير من توفير لعدد من الأجهزة الرياضية مؤخرا مثل البلياردو والهوكي والسير الكهربائي، ولكنّه لم يجد مكانا مناسبا يضعها فيه سوى في المسرح لضيق مساحة المرافق الرياضية بالمبنى المستأجر الذي أصبح آيلا للسقوط. والتقط زمام الحديث المرشد الطلابي محمد الشهراني والذي طالب بتوفير مسابح داخل المدارس بدلا من حصر النشاط الرياضي على ألعاب محددة وروتين يوميّ مملّ للطالب. وأضاف الشهراني «السباحة من الرياضات التي اوصانا الرسول صلى الله عليه وسلم بتعليمها لأبنائنا»، ولكنّه استبعد تطبيق رياضة السباحة في المدارس طالما المساحة ضيّقة بهذا الشكل!! واعتبر المعلّمون في عدد من مدارس عسير مسفر شيبان ومحمد القرني وأحمد غانم ومحمد بن غندف بأنّ المرافق الرياضية في المدارس الأهلية جيّدة نظرا للاهتمام الكبير الذي تجده تلك المرافق من قبل ملاّك المدارس الأهلية من حيث زراعة ملاعبها بالأنجيلة الصناعية، وكذلك تقسيم الساحة الرياضية في تلك المدارس بشكل منظم فيصبح لكلّ لعبة قسم مستقلّ. وأضافوا: هناك من الطلاب من يفضل لعبة كرة اليد وهناك من يفضل القدم وآخر يميل الى ممارسة كرة السلّة، كما أنّ هناك طلابا يفضلون ممارسة كرة التنس والبلياردو ومدارسنا تفتقد لوجود هذه الكوكبة من الالعاب بشكل تمارس فيه بشكل صحيح، واستشهد المعلمون بوجود تصدّع كبير في جدار الساحة الرياضية بالابتدائية التي يعملون بها ويخشون مع الوقت من سقوط الجدار الاسمنتي على أحد الطلاب، معتبرين ذلك دلالة بسيطة على حجم الاهمال الذي يكتنف مرافق الملاعب المدرسية اضافة الى تقاعس ملاّك تلك المدارس المستأجرة في صيانة وترميمها!!! ملعب مدرسة .. مصدر لحالات ربو ورصدت عدسة عكاظ ملعب كرة القدم الخاص بمتوسطة ابن الأثير بخميس مشيط والذي أقلّ مايصنّف بأنّه ملعب في احدى الحواري وليس تابعا لمنشأة تعليميّة تخرّج الأجيال. ويفتقد الملعب للأرضيّة الصحيّة حيث أنّ التراب والغبار هو عنوان ملعب تلك المدرسة، ووصف مديرها صالح الشهري حال الملعب بالمزري كون المبنى مستأجرا وكثيرا ما أصيب عدد من طلاب المدرسة بأمراض صدريّة بسبب استنشاقهم للغبار أثناء ممارستهم لكرة القدم في حصّة التربية البدنيّة!!! ويضيف الشهري: الطالب بحاجة الى مرافق رياضيّة سليمة تساعده على ابراز موهبته ولكنه حينما يجد بأن أداءه لحصص التربية البلدنية سيتسبّب له بالامراض، فحتما سيقرّر العزوف عن ممارسة النشاط الرياضي الذي سيعود عليه بالسلب بدلا من العكس!! ويأمل الشهري بأن يتم الاهتمام بشكل اكبر بمرافق المدارس الرياضية لأن العقل السليم في الجسم السليم. وعتب الشهري على بعض ملاّك المدارس المستأجرة الذين يتسلّمون الايجارات ولا تشاهدهم عقب ذلك الاّ عند موعد تسليم الايجار أي بعد عام، حيث تذمّر الشهري من عدم مواظبة هؤلاء الملاك على صيانة المباني والاهتمام بإنشاء ملاعبها لأن غرضهم هو الكسب المادي فقط!!! وسائل سلامة معدومة .. وإصابات خطرة ولم تكن ثانوية هوازن بجدة والتي يزيد عدد طلابها على 500 طالب بأفضل حال من سابقاتها حيث تتربّص دعامات (الهنجر) بأرواح طلاب المدرسة بسبب عدم وجود موانع بلاستيكيّة تحمي رأس الطالب لو ارتطم بدعامات الحديد!! ويروي معلّم التربية البدنيّة بثانوية هوازن عبدالعزيز عن المعاناة والقلق التي يعيشها هو وطلابه أثناء حصص التربية البدنيّة حيث يقول: خاطبنا ادارة تعليم جدة بخطورة الوضع لدينا من حيث عدم وجود وسائل سلامة تتعلق بحماية الطالب أثناء أدائه لحصص التربية البدنية حيث تتربض دعامات المظلاّت المعدنيّة بأجساد الطلاب، وحصلت سابقا العديد من الاصابات نتيجة ارتطام الطلاب بتلك الدعامات أثناء ممارسة لعبة كرة القدم. ويضيف عبدالعزيز: الحجرة المشتملة على البلياردو والتنس ضيّقة جدا ولاتستوعب الأجهزة والطلاب بداخلها مما أثّر على الاستفادة منها بالشكل المطلوب، كذلك نعاني من ضآلة حجم ملعب كرة القدم وسوء أرضيّته المكوّنة من البلاط وهو لايتناسب مع لعب كرة القدم الذي يحتاج الى زراعة، وحينما أردنا زراعة الملعب على حسابنا الخاص بلغ ثمن زراعته حوالي 40 ألف ريال وزاد معلّم البدنيّة: قبل فترة طلبنا من ادارة تعليم جدة توفير بعض المستلزمات ومنها كرات خاصّة بكرة اليد وللأسف وصلت الينا وهي بلا هواء بداخلها ومن أردأ الانواع!!! وطالب عدد من طلاب ثانويّة هوازن المستأجرة بتوفير مساحات كبيرة لهم لممارسة هواياتهم الرياضيّة بشكل أفضل كما طالبوا بمساواتهم بإمكانيات المدارس الحكوميّة وان كانت لاترتقي لمستوى طموحهم حتى يتمكّنوا من اداء حصصهم الرياضيّة في أجواء تسودها المتعة والأمان!! . المدارس بعيدة عن الهدف المنتظر وعن غياب رعاية المواهب في المدارس قال المدرب الوطني احمد الحميد «يجب ان تكون المدرس منطلقا للموهبة كما هي المدرسة منطلق للعلم والمعرفة والتطوير للقدرة الفردية للطالب، فالملاحظ على المدارس عدم أهلية عدد كبير من ملاعبها لتنفيذ حصة التربية البدنية بالصورة المناسبة والتي تمكن المعلم من اكتشاف موهبة الطالب كرويا ومن ثم دعم هذه الموهبة وتقديمها للأندية. الحميد قال «في الماضي كانت الملاعب الترابية منطلقا للمواهب ولكن حاليا اختلف الزمن حيث انتشرت به الأكاديميات والملاعب المجهزة ولذلك تبقى ملاعب المدارس بعيدة تماما عن الهدف المنتظر». المعلمون: هناك تسرب ورفض للمشاركة من جانبه قال منصور العبدالله معلم تربية بدنية إن الطالب اختلف تماما في تقبل اللعب في ملعب المدرسة غير المهيأ، وأضاف «في الواقع هناك تسرب كبير من الطلاب ورفض متواصل للمشاركة في حصة التربية البدنية ولعب كرة القدم في ملعب المدرسة الترابي كون المخاطر اكبر وإمكانية الإبداع والتنافس اقل، ولذلك لجأوا الى التحفيز بالدوريات بين الفصول وأن يكون المشارك في فريق الفصل يشارك في حصة التربية البدنية». من جانبه قال فهد معلم تربية بدنية «لايوجد حافز للمعلم وحتى للطالب في لعب كرة القدم، فالملعب غير مناسب والتجهيزات معدومة وحتى الكرة ليست في مواصفات مناسبة وتعتمد على اجتهادات المعلم» وزاد «في مدينة كبرى قل أن تسمع حاليا عن نجم كروي تم اكتشاف موهبته في ملعب المدرسة لذلك لابد من مراجعة الوضع». وقال المعلمون عبدالله بن لجهر وعبدالله أبو دبيل ومحمد الشواطي ومحيي صوفان إن عدم وجود معلمين متخصصين بنسبة كبيرة في جميع مراحل التعليم العام يفقدها أهميتها مما يضطر مديري المدارس إلى توزيع حصصها على معلمين غير متخصصين لسد العجز، ويدخل المديرون والمعلمون في اختلافات من حيث تحضير الدروس الخاصة بالمادة وطرق تدريسها، فغير المتخصص غير قادر تماماً على تدريس المادة. وأضافوا أن هناك طلاباً موهوبين في مادة التربية البدنية وعدم وجود من يهتم بهم ويصقل مواهبهم يعود بالضرر عليهم، حيث تتعثر الموهبة ويتحطم الطالب نفسياً ومعنوياً، مؤكدين على أهمية إعطاء حصصها إلى اختصاصيين لتنمية مواهب الطلاب في مراحل التعليم العام وأن يسلكها الطالب بعد التحاقه بالجامعات كتخصص يعشقه ويجد نفسه فيه. ويرى محمد بن ثامر معلم تربية بدنية أن غياب الوعي والثقافة لدى بعض طلاب المدارس في مراحل التعليم العام وجهلهم بمادة التربية البدنية يفقدها أهدافها المنشودة، مضيفا أن التربية البدنية ليست من المواد التكميلية بل تعتبر من المواد الأساسية في التعليم وممارسة الرياضة اليومية لها الأثر البالغ على صحة الإنسان، ويجب على الطلاب أن يهتموا بالرياضة وأداء التمرينات وتنمية الميول والرغبات لديهم هام جداً في اللعبة التي يجيدونها ويحبونها ولا تقتصر على لعبة واحدة فقط مماجبر الطالب على ممارستها في أضيق الحدود في المدارس بسبب عدم توفر ملاعب أو خامات أو عدم وجود متخصصين. ويشير المرشد الطلابي في مدرسة ثانوية صفوان عبدالله الشهراني إلى تعثر أونقص أو عدم توفر الصالات الرياضية أو الملاعب الرياضية المناسبة لممارسة النشاط في بعض المدارس، حيث ذكر أن الطالب عندما يجد الإمكانيات متاحة أمامه يبدع في الألعاب وأيضاً الملاعب المهيأة تساعد على سلامة الطالب وتحميه من الإصابات، فلو تعاون الجميع في جميع المدارس ووقفوا بجانب معلم التربية البدنية لكان الحال أفضل بكثير مما هو عليه الآن. وقال إن ضعف طلاب المدارس وجهلهم بالمادة يرجعه معلمو المادة إلى عدم تفهم مديري ووكلاء المدارس وكذلك أولياء الأمور لدور المادة وضعف تعاونهم واستجابتهم لمطالب معلم التربية البدنية ووصول البعض إلى درجة اللامبالاة ولعل من الأسباب الرئيسية عدم توفر المرافق والإمكانيات الراقية التي تخدم المادة في معظم مدارسنا. طلاب: نهرب من الإصابة ويقول طلاب التقتهم عكاظ: «لا نلعب مع زملائنا لأننا لانريد أن نصاب أو نتعرض لجروح في ملعب المدرسة، كما أن الغبار والرمل يحرجنا مع أسرنا لذلك نعتذر عن المشاركة». فيما كان مجموعة من الطلاب يلعبون في ملعب ترابي وهم في قمة الحماس وقالوا لعكاظ «نريد أن تكون حصة التربية البدنية أكثر من مرتين في الأسبوع». وقال الطلاب عبدالرحمن البيشي وفهد القحطاني وناصر عطية وعبدالله حيدر طلاب مرحلة ثانوية إن حصة التربية البدنية تعني لنا لعب كرة القدم فقط، والسبب أن المعلم لايحرص على التجديد والتغيير وتعريفنا بالألعاب الأخرى لكي يأخذ الطالب فكرة عنها وعن طرق لعبها والتحكيم ولكن مجرد أن تبدأ حصة الرياضة يلقي المعلم كرة القدم أمامنا ويذهب ليجلس بعيداً وقد نجهل كطلاب قوانين لعبة كرة القدم ومهاراتها الكثيرة، كما أن التمرينات التي تسبق أي مجهود رياضي نفتقدها في حصص التربية البدنية ولا نعرف التمرينات إلا في طابور الصباح. بينما أضاف الطلاب خالد حمدي وفهد البشري وناصر الهاجري أن من أهم أسباب الصدمات النفسية التي يعاني منها الطلاب في المدارس عدم اهتمام معلمي التربية البدنية بالحصص المقررة واعتبارها حصص فراغ وترويح، إضافة أن مديري المدارس لا يهتمون بمعلمي التربية البدنية ولا يمدون يد العون لهم لإتمام حصصهم على أكمل وجه وهذا زاد من معاناتهم كطلاب وشعروا بأنه لا مستقبل لهذه المادة. أولياء أمور: دور المعلم غائب ويؤكد إبراهيم الفهد وسفر بن مشبب وسعيد القحطاني – أولياء أمور – على ضرورة الا ننسى الدور الهام والغائب في نفس اللحظة لمعلم مادة التربية البدنية لتعليمها بالشكل المطلوب وترغيب الطلاب بالمادة وإعداد الخطط والبرامج والأنشطة اللامنهجية وإعداد المنافسات واللقاءات الداخلية والخارجية على المستوى المسموح به، لأن هذا الجانب هام جداً للنهوض بها. وأكدوا أن معلم التربية البدنية سفير في مدرسته لتقديمه كل جديد عن الرياضة والتي هي بلا شك عالمية لايحتكرها سن أو جنس معين. التربية: ملاعب مزروعة في المدارس .. قريبا مصدر مطلع في وزارة التربية والتعليم أوضح بأنّه سيتمّ هذا العام تطوير مرافق عدد كبير من المدارس، ويندرج تحت هذا التطوير زراعة ملاعب المدارس بعد الاستغناء عن المباني المستأجرة. وأضاف المصدر بأنّ تزويد المدارس بوسائل الجذب للأنشطة الرياضيّة جار من خلال تزويد المدارس بألعاب الجمباز والعاب القوى والألعاب الالكترونيّة لتوفير بيئة رياضيّة ممتعة للطلاب، وأكّد المصدر بأنّ الوزارة تهدف إلى الاستغناء عن المباني المستأجرة في أقل وقت زمني ممكن.