قال الشاعر: وإن علاني من دوني فلا عجب لي اسوة بانحطاط الشمس عن زحل. من الطبيعي جدا أن يتفاوت الناس في الرتب، والمنازل، والمكانات لاشك أن هذا التباين أمر مسلم به، لكن على المرء الا يدخر جهدا في سبيل الوصول إلى أسمى المراتب وأن يعقد العزم ويجمع النية على تحقيق آماله وطموحاته مهما كلف من تضحيات جسام اما ان يظل يندب حظه العاثر ويكثر من العويل، والتشكي فهذا عجز وتفريط وضعف لا يجدي نفعا، بل يضاعف الهموم والأحزان ويزيد الطين بلة، وحسب المرء هذا. إن عجلة الزمن تظل دائرة من يستطيع أن يوقفها والأيام تنقضي سراعا من يمسك بتلابيبها؟ وغروب الشمس يؤذن بطلوع فجر جديد ما أحرانا أن نهتبل كل دقائقه عطاء وعملا، والسير بخطى حثيثة نحو التميز والإبداع، فكم من فرص ضاعت اعقبتها لحظة جزع وندم وذهبت عليها النفس حسرات وهيهات أن ينفع النم أو الحسرة. في الأحوال كلها المرء في مسيس الحاجة إلى همة تبلغ عنان السماء وإلى إرادة تطاول الجبال، جاء في الحديث الشريف: (لو تعلقت همة أحدكم بالثريا لنالها). وشتان بين من يتطلع إلى الثرى، وبين من يرمق الثريا، من رام وصل الشمس حاك خيوطها ... سببا إلى آماله وتعلقا ما أجمل أن يكون المرء حازما! في أفعاله في تصرفاته كله حماس وكله طموح وكله جرأة واقدام وفي الوقت نفسه يحذر كل الحذر من «سوف» فإنها متكاسل خامل وعاجز، وارتضى لنفسه البضعة والهوان.