بعد الحادث المروع الذي راح ضحيته الشاب عبدالرحمن الغامدي في الباحة وأصيبت يد زوجته الحامل إصابة بليغة، وأصيب طفله خالد بإصابات خطرة نقل إثرها للمستشفى، تناقلت الأخبار الحيثيات والملابسات المبدئية للحادثة. سمعنا بأن سبب الحادث كما أفادت زوجة الضحية أن أحد أعضاء الهيئة استوقفهم وبدأ بالنقاش الحاد مع زوجها بسبب ارتفاع صوت المسجل داخل السيارة، رغم أنه لم يكن مرتفعاً، والكلام لزوجة المتوفى، ما دعا السائق بالانطلاق بعيداً عنهم وتبعته سيارة للهيئة وأثناء قيادته ضايقته سيارة الهيئة، ما أدى إلى انحراف سيارته وانقلابها بجانب الطريق. بكل تأكيد لابد أن تتضح الصورة كاملة قبل الحكم على المتسببين في إزهاق روح بريئة وتدمير حياة عائلة بأكملها. إلا أنه أياً كانت هوية المطاردين، فإن قوانين العالم تعتبر كل من يتسبب في حادث سير حتى لو كان حادثاً عارضاً، وليس متعمداً، ثم يترك موقع الحادث دون أن يمد يد المساعدة للمصابين في الحادث مسؤولاً مسؤولية مباشرة يقع تحت طائلة المساءلة والعقاب. وحتى تستكمل التحقيقات وتتبين الصورة كاملة، ليس لنا إلا أن نتوقف بجدية حول هذا الحادث، وهو ليس الأول من نوعه في المطاردات المميتة بغض النظر عمن هو المتسبب فيها، ونتساءل: لقد قرأنا جميعنا تصريحات معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الجديد بمنع المطاردات وبدعوته إلى ترجيح العقل في الأمر بالمعروف وعدم إساءة من ينتمون الى هذا الجهاز العظيم إلى شعائر الإسلام السمحة. فلماذا لا تتوقف مطاردات الهيئة بعد أن أصدر رئيسها الموقر أمره الواضح بمنع المطاردات منذ أكثر من شهرين، وهي مدة كافية لوصول التعاميم إلى جميع الفروع؟ ولماذا يتخلى بعض رجال الهيئة عن مسؤوليتهم بعد وقوع الحادث في مساعدة الضحايا وتبليغ الجهات المختصة لإسعافهم؟ إننا في المملكة نجل نظام القضاء ونحترم استقلاليته. ولكن هذا لا يمنع أن نناقش أسلوب معالجة قاضٍ ما، باعتباره بشراً يصيب ويخطئ، لقضية ما، باعتبار حكمه اجتهاداً بشرياً يصيب ويخطئ، دون أن ننتقص من مكانة القاضي باعتباره قاضيا ، أو من مؤسسة القضاء ومكانتها المهمة في المجتمع. فالقضاء هو المحطة الأخيرة والكبرى التي يقف عندها المواطن لضمان حقوقه وأمنه. رحم الله الفقيد، وتقبله بواسع رحمته، ومنَّ على زوجته وأطفاله بالشفاء العاجل، وألهم أهله وذويه، وألهمنا جميعاً أبناء هذا الوطن الواحد، الصبر والسلوان. [email protected]