كل حادثة تقع في الميدان من قبل رجال هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تجعلنا نعود إلى مربع الصفر، وما حدث في محافظة الباحة من مطاردة أودت إلى وفاة مواطن وبتر يد زوجته ودخول أبنائه العناية المركزة، لهو حادث يقلقنا كمجتمع توقع أن الأوامر الصارمة القاضية بمنع أي مطاردة ستكون نهجا لرجال الميدان وتوقف الاجتهادات الشخصية، وقضية المواطن الذي توفي بسبب الملاحقة التي أدت إلى انحراف سيارة المواطن وإزهاق روحه ليس لشيء عظيم، فما توارد أن رجال الهيئة سمعوا صوت آلة التسجيل مرتفعا، ولم يستجب المتوفى لأوامر تخفيض الصوت، فكان من نصيبه ملاحقة محمومة أفضت إلى الحادث المؤلم، ووفق مرويات أهل المتوفى أن الدوريتين انسحبتا من موقع الحادث مباشرة من غير المساهمة في إنقاذ تلك الأسرة، وهو أمر يضاعف مسؤولية الملاحقين في الوفاة والتخلي عن إسعاف المصابين. وتعليقنا هنا ليس على القضية ذاتها، بقدر ما هو تساؤلات عن القرارات الصادرة لرجال الميدان والمانعة لأي نوع من أنواع المطاردة، فليس من المعقول أنها قرارات صورية اكتفت الهيئة بنشرها في وسائل الإعلام ولم تبلغ بها أفرادها، وأيا كان المتسبب في الوفاة، فإن لديه أوامر صريحة بعدم المطاردة. ثم نأتي لسبب المطاردة، وهو سبب هين لا يستحق أن تزهق من أجله روح وتصاب عائلة بالفزع والهلع لمجرد ارتفاع آلة التسجيل بغناء أو غيره، فهل هناك تعميم من قبل الهيئة بمنع استماع الناس للغناء حتى يتدخل رجال الهيئة لمنعه بالقوة أو بالملاحقة، وإذا كان هذا من ضمن الممنوعات، فالرجاء تعميم القرار كون كثير من الشباب يستمتعون بالأغاني وهم يسيرون بسياراتهم، قبل أن تتم مطاردتهم فيقعوا ضحايا لسبب غير مقنع في المنع أو الملاحقة. ثمة كوارث تحدث لأسباب ليس لها معنى سوى (عنترية) يظهرها رجل الميدان.. الآن تيتمت هذه الأسرة وبترت يد الزوجة ونسأل الله بالتعجيل بشفاء من بداخل العناية، فما الذي سيحدث؟ لا شيء سوى إعادة مسلسل خرق التعاليم والقرارات، وهذا يجعلنا ننثر الأسئلة: ممن يتلقى رجال الميدان أوامرهم؟ هل يتم معرفة التعاليم والأنظمة ووضعها خلف الظهر والعمل وفق المزاج الشخصي؟ وماذا عن تدريب رجال الميدان، ألم ينجح هذا التدريب؟ إلى متى تظل العلاقة بين المجتمع وهذا الجهاز متوترة بسبب الأحداث المتوالية والمستنسخة؟ الأمر بالمعروف هو الصبر على الأذى وتحمل كل المكاره من أجل إيصال كلمة طيبة، فما بالنا نتعامل مع شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر متسلحين بالغلظة. فرجل واحد قد يفسد عمل الآلاف من هؤلاء الذين يحاولون إيصال الكلمة الطيبة. [email protected] للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 737701 زين تبدأ بالرمز 159 مسافة ثم الرسالة