ثلاثة من الشبان رمقتهم «عكاظ» وهم يجولون في أروقة القرية التراثية بمهرجان أرامكو السعودي الثقافي في مدينة الظهران حاملين معهم كاميرا فيديو من القطع المتوسط، تجولت عدستها في جوانب مختلفة من أمكنة القرية التراثية يلتقطون لحظات من عمر الزمن ويوثقون حركة الناس الذين يؤمون القرية. يستمعون إلى آرائهم حول الأماكن التي يجب أن يقفوا بها لتبدأ عملية التصوير، وتارة يبادر أحدهم سريعا بتحفيز زملائه لاقتناص لقطة ربما كانت نادرة تضيف إلى عملهم التوثيقي عنصرا من التشويق البصري المبني على فكرة حضرت للتو وأرادوا قنصها وتوظيفها حقيقة واقعية تحكي تفاصيل ثقافة أو عادة قديمة بما أنهم داخل القرية التراثية محطة التصوير. وما أن انتهت مرحلة التصوير إذا بهم يقفلون راجعين صوب مقر الاستديو المخصص لبناء الأفلام ومنتجتها وذلك في خيمة (أتألق) لتبدأ حكاية جديدة من الإنتاج على أيدي مهرة ومتخصصين يعملون ضمن برنامج أرامكو الثقافي، حيث تنتقل حينها الصناعة من مشاهد بصرية إلى فكرة توظف عبر الشاشة يتم خلالها تناول أحدث التقنيات في إنتاج الفيلم الوثائقي، بذات الدليل العملي المبني على خطط وتصوير وتحرير الأفلام الوثائقية المأخوذة من أحداث حقيقية. بناء الأفلام الوثائقية المدرب الشاب ناصر اليامي هو المعني باستقبال هذه الأفلام من الشباب الذين توزعوا لمجموعات كل مجموعة تقوم بمهمة رصد وتوثيق إحدى فعاليات المهرجان المتوزعة في مساحة تقدر ب 50 ألف متر مربع، مشيرا إلى أن من ضروريات الشروع في بناء الأفلام الوثائقية التأسيس على فكرة تحمل قيمة الفيلم بحيث تكون هي الشارح له وتعبر عن الرصد البصري بل وتكون المشاهد جميلة تظهر قول الفيلم الوثائقي بذات المعنى البصري. وقال «دورنا يكمن في دراسة البنية التي نفذ من خلالها الفيلم وما إذا كانت منظمة تتعاقب من خلالها الصور والأصوات بغية الاستحواذ على عقلية المشاهد وتقديم وجهة نظر الفيلم التي تفتح مناقشة بصرية عند المتلقين». التخطيط المسبق ومما يقوم به الجناح المخصص لبناء الأفلام الوثائقية تدريب الشباب على كيفية التخطيط المسبق ووضع استراتيجية واضحة لتجميع الدليل البصري، وذلك من خلال عرض العديد من الأفلام الوثائقية التاريخية والتعليمية، وكذلك الجانب الساخر منها، يعطى الشاب المتدرب عناصر البناء الفعلية من حيث دراسة ما قبل الإنتاج، ثم مرحلة الإنتاج، وتمحيص صناعة نظائر الواقع، وكيفية دفع الرغبة نحو مكان الحدث وإدارة الكاميرا للتسجيل، وتبصيرهم بإجراء مقابلات مع أشخاص حول مواضيع الرصد مع التفريق بين القصاصة الخبرية والواقعية. وتركز الدورات التأهيلية على رصد بعض الأخطاء التي تعيق صناعة الأفلام الوثائقية منها المقابلة الجامدة التي تكون معضلة حقيقية وتصيب المشاهد بالملل، بحيث يكون المعيار الرئيسي والإيجابي لضمان نجاح العمل خاصة في المقابلات الحصول على مادة جيدة من مقابلة وثائقية يكون فيها تشجيع الناس على حكاية قصصهم وليس استجوابهم. وتستعرض الدورات العديد من الأفلام الوثائقية خاصة التاريخية منها والتي تتحدث عن سير أشخاص مهمين بحيث نجعل من مثل هذه الأفكار ذات متعة بصرية، إضافة إلى عرض الدراما الوثائقية المتحدثة عن وقائع بأسلوب درامي، وكذلك الأفلام المتحدثة عن سلوكيات الأطفال وغيرها من الأفلام التعليمية الموجهة تجاه موضوع محدد. وفي نهاية المطاف يتم عرض جميع المشاركات التي تصل إلى 17 مشاركة داخل فصل تدريبي لتقييمها أمام المشاركين ومن ثم يتم اختيار ثلاثة أفلام متميزة لعرضها في حفل أسبوعي بحضور أولياء أمورهم وتكريمهم بشهادات التقدير.