فكرة توالد الحفر ونموها في الشوارع هي أقرب الاحتمالات المنطقية والعقلية التي تبرر انتشارها فيما أشاهد من طرق رئيسية أو فرعية داخل مكة وأحيائها الشعبية القديمة (أو ما بقي منها)، ولا يمكن لكل هذه الثغرات والتصدعات أن تكون ناتجة من تقصير جهةٍ حكومية أو تواضع مقاول قليل الإمكانات والخبرة، جاءته مناقصة تعبيد الطرق وصيانتها بتسلسل استثماري معهود. ولأن هذا الانتشار الرهيب لا يمكن أن تسيطر عليه شهوة فساد واحدة كما أظن فإني أدعو معشر الكتبة أن يتأملوا خصيصة تناسل الحفر وما يمكن أن يعوق هذا النتاج الكبير في التوالد بدل الشكاية والكتابة بشكل عمومي ومجرد. شخصيا، ألفت السير على طرق متهالكة ومليئة بالتصدعات والشروخ، واعتدت كذلك على فجائية الحفريات ومشاريع الصيانة في المكان الواحد أكثر من مرة، والتي كأنها تأتي هازئة تمد لسانها بعبارة إرشادية تقول: انتبه! نقوم بإعادة تهيئة الطريق وإصلاحه من الإصلاحات السابقة. ومن الأهمية بمكان التنويه بأن حديثي هنا عن كثير من الطرق التي نسلكها، وبالتالي فالطرق التي تتعاهدها الأيدي بالعناية حد التلميع والصقل، لا نقصدها بحديثنا بتاتا البتة كما يقول أهل اللغة. هذا، ولم يحصل حقيقة أن تمنيت إرفاق صورة مع مقال أكتبه كما تمنيت لهذا المقال الكائن أمام نظر القارئ الكريم، فأن تقوم صباحا لتذهب إلى حيث مصدر رزقك وتجد سيارتك وسيارات الجيران كذلك محاصرة بشكل كامل من حفرية تملك إمكانية الحركة والاستدارة فهذا مشهد جد نادر ويستحق النشر والتداول عبر الصحف والإنترنت ووسائط الواتس أب وغيرها. أي قسوة قلب تمتلك هذه الحفرة وأي جبروت يجعلها تصعر خدها دون النظر والاستئذان؟ ماذا لو كانت هناك حالة طارئة تستوجب الإسعاف والعناية؟ هل تشك الحفرة بآدميتنا وأننا لا نمتلك مشاعر وأحاسيس قابلة للوجع والتأثر؟ [email protected]